jeudi 28 février 2008

ملخص الفلسفة 2 علمي الحقيقة

الحـــقــيــــقـــــــــــة

يقول بيير مايى إن أصل العجيب المدهش يكمن في ذلك

الصراع الذي يقيم تضادا بين رغبـــات

القلب والوسائل التي نملكها

شكلت المعرفة في كل أبعادها عنصرا من عناصر الفاعلية البشرية ، وأثناء الفعل الإنساني يكتسب الإنسان جملة من المفاهيم الخاصة والمبادئ التي يستعملها في نشاطه العلمي والعملي وتكون هذه المعارف بمثابة حقائق يؤسسها ويعتقد بقيمتها الواقعية والمعيارية ؛ إلا أن هذه الحقائق تعترضها إشكالات ابستيمولوجية تتعلق بالذات العارفة ، وبتغير شروط بناءها ، وهذا ما يجعل الحقيقة موضع تساؤل وبحث .

كيف يكون الخطاب الفلسفي أو العلمي أو الأخلاقي قادرا على تأسيس الحقيقة ؟ ولماذا تعتبر الحقيقة أساسية في العلاقات التي يقيمها الفرد مع الآخر؟ هل الحقيقة ذات طابع كوني ؟

إن الحقيقة لا تتجلى في مجرد نقل الواقع لكن في معالجته وحمله إلى مستوى العقل لتكوين حكم أو بناء معرفة ، وتختلف الحقيقة باختلاف مجالات الفكر والقول خاصة وأنها لا تظهر إلا معبر عنها مما يطرح مشكلة الحقيقة واللغة . وبالتالي اختلاف معايير بناءها .

و الحديث عن الحقيقة يثير إشكالات معرفية ومنهجية تتعلق بأي المعايير تؤسسها وتشحنها بصفة الواقعية والكونية ؟ ألم يقل ديكارت إن الحواس كثيرا ما توقعنا في الخطأ وأسس شكا منهجيا للعقل ! ألم يقل كانط إن معرفتنا لا ترتكز على الأشياء فقط بل بالعكـــــــــس الأشياء هي التي تتكيف مع المعرفة بخضوعها لمقولات الفهم ، وأسس نقدا للعقل !

إن العقل لا يبقى منغلقا بل تجبره العوائق والأزمات على الانفتاح وتجعل خط تطور المعرفة يتغير وتتغير معه الحقيقة لهذا نجــــــــد ابستيمولوجية القرن العشرين عوض أن تعرف الحقيقة بأنها مطابقة الفكر لذاته أو مطابقة الفكر للواقع تفضل القول ( إن تاريخ الحقيقة هو تاريخ خطأ يتم تصحيحه باستمرار ) باشلار.

إضافة إلى هذه الإشكالات تظهر مشاكل أخرى حين نستحضر القيم الإنسانية والتقاليد والمعتقدات ... إشكالات تتعلق بقيمة وطبيعة وصلاحية الحقيقة ؛ لأن البحث عن الحقيقة لا ينفصل عن الإكراهات الذاتية والفكرية والتاريخية " لافيل".

أ‌- الرأي والحقيقة

يقول باشلار " إن العلم في تطلعه إلى الكمال يتعارض مطلقا مع الرأي السائد . ذلك أن الرأي يسيء التفكير بل هو لا يفكر لأنه يعبر عن حاجات ظانا أنها معارف ومن هنا لزم تحطيمه منذ البدء لأنه العائق الأول الذي يجب تجاوزه "

الحقيقة ليست خاصية الأشياء و لا تنكشف من تلقاء نفسها ، بقدر ما هي حكم نطلقه عن علاقة موضوعية أو إدراك عقلي ، أي أن الحقيقة لا توجد خارج الفكر واللغة ولهذا فهي تتعدد بتعدد أنواع الخطاب والقول وبتعدد أشكال الإثبات والبناء مثال : الخطاب العلمي تقابله الحقيقة العلمية ، الخطاب الديني تقابله الحقيقة الدينية .... وما يكسب الحقيقة قوة هو أنها تنشأ داخل المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي الذي يمنحها شحنة وقوة ، وطبعا لكل مجتمع آلياته وهيئاته التي تسهر على التمييز بين المنطوقات الصحيحة والغيـــــــر الصحيحة . وهنا يكون للرأي دور في تشكل الحقيقة ؛ لقد أشار نيتشه إلى الدوافع التي تجعل الإنسان يميل إلى الوهم هو جنوحه إلى السلم ورغبته في تجنب الحرب " الخوف من الموت " وما يساعده على ذلك ما توفره له اللغة من إمكانات لا محدودة للإخفــــــاء والإضمار . لهذا اعتبرت الأحكام المسبقة عائقا أمام الحقيقة وكذلك الوهم الذي هو أخطر من الخطأ لصعوبة اكتشافه . يقول باشلار " إن العلم يمنعنا من تكوين رأي حول قضايا لا نفهمها ، وحول أسئلة لا نحسن صياغتها بوضوح ، إذ ينبغي قبل كل شيء أن نعرف كيف نطرح المشاكل ... فإن المشاكل لا تطرح تلقائيا " .

إن الاعتقاد بأن الرأي لا يؤهل إلى الحقيقة وارد في الفكر الفلسفي القديم والحديث والمعاصر ؛ فديكارت تخلى عن وهم الحواس ، وكانط جعل الواقع يتكيف مع مقولات الفهم ؛ يقول كانط " لا أستطيع أن أكون رأيا بالصدفة ما لم تكن لدي معرفة مبنية على حكم تربطه بالحقيقة صلة و لو كانت غير مكتملة ، فهذا شيء أكثر أهمية من تكوين وهم اعتباطي " فالقانون اليقيني في نظر كانط هو شرط لبناء الحقيقة وهو مسألة قبلية .

ما نستنتجه من هذه المقدمة أنه لا يكفي أن يمتلك الشخص رأيا لكي يبني الحقيقة ، لأن الحقيقة حسب رأي باشلار تبدأ بالقطع مع الانطباع والاعتقاد حيث يتيه تفكيرنا في الوهم .

كانط : اليقين شرط لبناء الحقيقة وهو مسألة قبلية الفارابي : بادئ الرأي عائق أمام الحقيقة

لا مجال للرأي بالنسبة للأحكام التي تصدر عن العقل بادئ الرأي يكون مشتركا بين الجميع : معرفة عامية

ليس هناك رأي من فراغ بل يتكون من معرفة قبلية بادئ الرأي يقابله الأسلوب الخطابي

الارتباط بين الرأي والحقيقة قائم على قانون يقيني المشترك والعام تقابله الطرق الخطابية والجدلية

والرأي البسيط ضرب من خيال بينما اليقين يحصل بالطرق البرهانية

" ليس هناك أي مجال للرأي بخصوص الأحكام التي تصدر بادئ الرأي معارض للمعرفة البرهانية مثل الفلسفة

عن العقل الخالص". والعلم

المعرفة لها طابع قبلي بادئ الرأي يحول دون الوصول إلى الحقيقة

علاقة الحكم بالحقيقة تقتضي الكونية والضرورة واليقين بنية النص : وصفي ، عرض

ففي مجال الرياضيات لا مكان للرأي .. المنهج : تأملي ، عقلي

الخلاصة : كانط يستبعد مفهوم الرأي البسيط لأنه ضرب من المفاهيم : بادئ الرأي ، الانطباع ، الخطابي ، الجدلي

الخيال ، وأن أي حكم يصدر عن العقل ، وميزة العقل أنه البرهاني ، الفحص

ملكة فطرية الخلاصة : بادئ الرأي مجرد انطباع لا يؤسس

بنية النص : عرض ، تفسيري ، المعرفة النظرية .

المنهج : عقلي ، تأملي

المفاهيم : الاعتقاد ، الرأي ، المعرفة ، الحكم ،

اليقين ، الكوني ، العقل الخالص

الحقيقة

خلاصة :

لقد تخلى ديكارت عن وهم الحواس ، وهاهو كانط يجعل من العقلي والحسي أساس بناء الحقيقة ، التي لا يؤسسها الرأي البسيط ، لأن أي حكم لا بد أن يكون قائما على قانون اليقين .يقول كانط " إذن ليس هناك أي مجال للرأي بخصوص الأحكام التي يصدرها العقل الخالص "فالحقيقة تستمد مشروعيتها مما هو قبلي .وبالتالي لا مجال للرأي في بناء المعرفة خاصة في مجال الرياضيات .

أما الفارابي يعتقد بأن بادئ الرأي يشكل عائقا أمام المعرفة ، لأن ما هو مشترك بين جميع الناس يكون بسيطا ومصدره الانطباع ، وهذا لا يؤسس معرفة موضوعية ، بقدر ما يحول دون الوصول إلى الحقيقة . وتبقى المعرفة البرهانية هي طريق الحقيقة .

رغم اختلاف اسلوب التحليل بين كل من كانط والفارابي فإنهما اتفقا على أن الرأي لا يمكننا من الحقيقة .

لكن أي المعايير تؤسس الحقيقة وتعطيها صفة اليقين ؟

1- معايير الحقيقة

أي المعايير تؤسس الحقيقة وتعطيها قيمة وقوة ؟ العقل أم الواقع أم الوجدان؟

هل يكفي القول بأن الحقيقة تتحدد في مطابقة العقل لذاته أم للواقع ؟ أشرنا في بداية الدرس بأن الحقيقة هي حكم عقلي أو حكم معرفي وبالتالي تختلف باختلاف مجالات الفكر والقول ، و تكون معاييرها مختلفة . لقد اشترط ديكارت البداهــــــة والوضوح العقلي كأساس للحقيقة . ما دام العقل يمتلك هذا الوضوح ، يمتلك قواعد تقيه من الوقوع في الخطأ ( قواعد المنهج الرياضي )- مطابقة العقل لذاته - . واشترط هيوم التجربة كأساس لبناء الحقيقة ، أي مطابقة العقل للواقع . ولأن العقل في نظر التجريبيين صفحة بيضاء . بالتالي كل الحقائق مصدرها الواقع التجريبي .

سواء مع العقلانيين أو التجريبيين ظل مفهوم المطابقة هو المؤطر لمفهوم الحقيقة . مما دفع بهيدجر إلى رفض هذا المفهوم لأنه يشل حركة العقل و لايتيح الفرصة للأشياء كي تنكشف وتعلن عن نفسها ، فالحقيقة عنده مرادفة للحرية ، إنها استعداد عقلي للانفتاح على الكائن المنكشف.

ليبنتز: معيار الحقيقة البرهان والمنطق ( العقل) كانط : معيار الحقيقة صوري ومطابقته مع

يرفض لينتز مبدأ الوضوح والبداهة كمعيار مع مبادئ العقل

ويرى بأن القواعد التي دافع عنها أرسطو بدأ كانط بالتساؤل عن معيار الحقيقة

وعلماء الهندسة أقوى من مبدأ ديكارت الشرط الذي يجب أن يتوفر في المعيار هو عدم

أي أن لا نقبل أي شيء ما لم يكن مبرهن عليه التناقض والاختلاف

البرهنة السليمة تقتضي : الانسجام المادي المعيار المادي الكوني يقبل بالتناقض وهذا لا يؤدي

الانسجام الصوري إلى الحقيقة

إذن معيار الحقيقة في نظر ليبنتز المنطق المعيار الصوري الكوني يستمد مشروعيته من ذاته

والبرهان مطابقة العقل لذاته بغض النظر عن مظاهر الأشياء

يقتصر على الجوهر

معيار الحقيقة : القوانين الكونية للفهم والعقل

الحقيقة : هي انتظام الواقع وفق بنية العقل القبلية

إن تاريخ الفلسفة يبين لنا كيف شكلت مسألة الحقيقة إشكالية تتعلق بالمعيار الذي يؤسسها ويعطيها قوة ؛ فمفهوم المطابقة في بعده التقليدي لم يبارح فكرة اليقين العقلي أو اليقين التجريبي ، وقد رفض ليبنتز هذا الطرح وجعل من معيار البرهنة والمنطق أساس بناء الحقيقة ، لأنه أقوى من مبدأ البداهة والوضوح الديكارتي ، وطبعا البرهان عند ليبنتز يقتضي الانسجام الصوري والمادي . لكن كانط

رفض هذا النوع من الفهم وحاول الجمع بين العقلي والصوري ، فالحقيقة في نظره تقتضي مادة وصورة ؛ أي أن العقل يحمل القوانين الأولية للفهم ؛ وهكذا الحقيقة في نظره هي انتظام معطيات الواقع مع بنية العقل القبلية .

هذا التصور لم يعد مقبولا مع تطور المعرفة ككل ، ولم يعد العقل لوحده قادرا على استيعاب كل معطيات الواقع ؛ لأن الحقيقة بمختلف أنواعها تنشأ ضمن مجال يتداخل فيه المعرفي بالسياسي بالاجتماعي ... وبالتالي لكل مجتمع آلياته ولكل مجال معرفي مبادئه ومفاهيمه ولقد ذهب باشلار إلى حد القول إن الأفكار الحقيقية ماهي سوى أخطاء تم تصحيحها وخطأ الأمس مصدر حقيقة اليوم مثال فكرة مركزية الأرض التي ظل الناس يعتقدون بصدقها لمدة طويلة .

2- الحقيقة بوصفها قيمة

مما يعطى للحقيقة قيمة هو ارتباطها برغبة الإنسان وطموحه الدءوب الذي يقوده إلى المغامرة النظرية والعملية ، ليصل إلى الحقيقة، لهذا لن نستغرب حين نجد ديكارت يقوم بتهديم كل المعارف والشك في كل الأشياء للوصول إلى الحقيقة التي لايمكن أن يتسرب إليها الشك ذات قيمة فكرية وأخلاقية ، ونجد هيوم يهدم فكرة العقل كملكة فطرية ليؤسس مبدأ التجريب كأساس لبناء حقيقة ذات قيمة فكرية وعملية ، ونجد ابستيمولوجية القرن العشرين ترفض الطرح الذي يختزل الحقيقة إما في العقل أو في التجريب ويجعل منها محاولة دءوبة لتصحيح خطأ ما ؛ وأن قيمتها تتجلى في قابليتها للمراجعة .

إن قيمة الحقيقة لا تتجلى في صدقيتها ،ولا في مرد وديتها ، بل هي نشاط وهدف تسعى إليه البشرية حسب تصور بوانكاري يقول " يجب أن يكون البحث عن الحقيقة هدف نشاطنا فهذه هي الغاية الوحيدة الجديرة به " أصبحت الحقيقة مطلبا ملحا ووعيا بخطورة عدم الالتزام بالقيم الإنسانية ، فالذي يبحث عن الحقيقة يجب أن يكون حرا كامل الحرية.

وليم جيمس: نفعي

كيير كجار: فطريتها ( قبلية)

نيتشه : الرغبة في البقاء

من أين تستمد الحقيقة قيمتها ؟

عادة تعني الحقيقة المطابقة ( الأفكار للواقع)

والخطأ يكمن في عدم المطابقة

المذهب البراغماتي: الأفكار الحقيقية هي التي نتحقق منها ( صحتها )

بالتالي مفهوم المطابقة مرفوض ويحل محله مفهوم التحقق والصلاحية والمردودية

الفكرة التي يدافع عنها جيمس هو :

-حقيقة الفكرة ليست خاصية متضمنة فيها

-الحقيقة هي حدث يتم إنتاجه

-تكتسب صفة الحقيقة من خلال مردوديتها

-التحقق الذاتي

خلاصة القول الحقيقة في نظره تكتسي قيمة من خلال صلاحيتها ومنفعتها

( مرد وديتها )

هل تعلم الحقيقة ممكن؟

يطرح كجار تصور سقراط للحقيقة

الفضيلة معرفة ، والحقيقة بدورها معرفة

المعرفة مجرد تذكر

والحقيقة بدورها مجرد تذكر

الحقيقة لا تأتي من الخارج بل كامنة في النفس العاقلة سابقة في الوجود

تكمن قيمة الحقيقة في فطريتها لأنها طبيعة النفس القبلية

ومعرفتها مجرد تذكر

وطبعا ليس الجميع تتوفر لهم صفة التذكر

الحقيقة تقابل الفضيلة

من أين تأتي غريزة الحقيقة ؟

ميل الإنسان إلى الحفاظ على ذاته يدفعه إلى الميل لاستخدام عقله

رغبة العيش تدفع الإنسان إلى المسالمة

الحقيقة تأتي ملائمة لغريزة البقاء

الحقيقة لا تكون كذلك إلا بارتباطها بالحفظ على الحياة

ما الحقيقة ؟

مجموعة من الاستعارات والكنايات ... تم تنميقها حتى بدت مع مرور الأيام حقيقة

الحقيقة وهم تم نسيانه

الصادق هو ما ينسجم مع الحقيقة المتداولة

كل ما هو طيب وجميل مصدره الوهم

الحقيقة تقتل نفسها حين تكتشف أن أساسها هو الخطأ

تستمد قيمتها من الرغبة في البقاء

لم تعد فكرة المطابقة كما حددها الفلاسفة العقلانيون والتجريبيون مقبولة لتحديد الحقيقة و قيمتها حسب رأي البراغماتيين، بل أصبحت المردودية المباشرة معيار قيمة الحقيقة ، تتحدد فيما هو نافع ، وهذا ما ذهب إليه وليم جيمس حين قال إن كلمة ) حقيقة ليست بالنسبة إلينا غير اسم جمعي يلخص عمليات التحقق ، تماما مثلما الصحة ، والثروة ، والقوة ، هي أسماء تدل على عمليات أخرى متعلقة بالحياة ، عمليات أخرى نافعة أيضا .إن الحقيقة شيء يصنع ، مثل الصحة والثروة والقوة خلال تجربتنا) .هكذا تصبح الحقيقة ذات قيمة عملية تحقق المنفعة .

بينما ذهب كجار إلى القول بأن قيمة الحقيقة تكمن في فطريتها لأنها تستمد مشروعيتها من العقل كملكة فطرية ، تأتي نتيجة تذكر ، لا تأتي من الخارج بل كامنة في النفس العاقلة. وهذه الحقيقة ليست في متناول الجميع ، فقط من يتوفر على قدرة التذكر . تصور يعيد طرح النموذج اليوناني القديم .

لكن هل دائما الغاية المباشرة هي المحرك للبحث عن الحقيقة ؟ والى أي حد يكون كل ما هو نافع حقيقي حتى وان كان يتعارض مع مصالح الآخرين نموذج البراغماتيين؟

يرى نيتشه أن ميل الإنسان إلى الحفاظ على حياته يدفعه إلى الرغبة الملحة في الاعتقاد بحقيقة ما تضمن له قدرا من السلامة المناسبة لغريزة البقاء ؛وتأخذ أشكالا من التعبيرات المجازية والتصويرية سرعان ما تصبح مع مرور الأيام حقيقة يعتقد بها الناس . من هنا قال نيتشه الحقيقة وهم تم نسيانه. إن الناس في حاجة إلى اليقين لأنه يمنح الاطمئنان ، وكذلك الخطأ المشاع يمنح الاطمئنان من هنا كانت الحقيقة وهم في نظر ه.

ملخص الفلسفة 2 علمي المعرفة

المعرفــــــــــــــــــــــــة

شكلت المعرفة بمعناها الواسع موضوعا للبحث والدراسة مند القدم خاصة وأنها تمثل شكلا من أشكال الثقافة وعنصرا من عناصر الفاعلية البشرية فهي مرتبطة بالفعل الإنساني ومشروطة بقوانين التطور الاجتماعي والاقتصادي والمعرفي . ويكتسب الإنسان في عملية المعرفة جملة من المفاهيم الخاصة والمبادئ التي يستعملها في نشاطه العملي والعلمي من أجل فهم الطبيعة والإنسان .

المعرفة هي تعبير واضح على تحرر الذات من الطبيعة وتحويلها موضوعا للمعرفة ، وهي نتيجة للعلاقة الجدلية بين الذات العارفة والموضوع الخارجي ، وكل هذا ما كان ليتحقق لو لم تتوفر الشروط التالية :

- ذات عارفة - موضوع تنصب عليه المعرفة - امتلاك الأدوات المعرفية

لم تعد المعرفة تكتفي بالملاحظة المدققة للواقع التجريبي ، بل أصبحت البنية العقلية تلعب دورا كبيرا في بناء المعارف وقد يكون للخيال العلمي والصدفة دورا في تطورها . لعل التغيرات الفكرية والواقعية والانتصارات العلمية التي حدثت غيرت السؤال المطروح حول المعرفة وأصبح المطلوب هو مدى صلاحية المعارف وقابليتها للتحقق ، وهذا ما حققته ابستيمولوجية القرن 20 التي توجهت إلى المعرفة بالنقد والتحليل مفاهيما ومبادءا ومناهجا لفك حالات الانحصار والجمود في العقل البشري .

ولم يقف طموح الإنسان عند هذا الحد بل تجاوزه إلى محاولة معرفة ذاته وتحويلها إلى مشروع للمعرفة العلمية مثال العلوم الإنسانية ؛

إن معرفة الواقع بكل أشكاله تتطلب الدقة والتنقيب حتى لا نسقط في الحقيقة المطلقة التي تؤدي إلى جمود العقل العلمي وهذا ما جعل الحقيقة المعرفية بمختلف أشكالها موضوعا إشكاليا بالدرجة الأولى من حيث المعايير المؤسسة لها و من حيث إمكانية تحقيق الموضوعية و من حيث قيمتها النظرية والمعرفية.

1- النظرية والتجريب

يقول دوهيم " الفكرة تفسر الظاهرة والظاهرة تبرر الفكرة " ، تنشأ الفكرة في مقابل الواقع المتنوع وبالانفصال عنه وتمكن من الكشف عن الأحداث التي تنفلت من التجربة المباشرة والآنية لأن الذكاء العلمي هو نتيجة انتقال العقل العلمي من التجربة الحسية إلى نظام مفاهيمي ؛ أي أن النظرية تعني المجموع المنظم والمتماسك الذي يدمج عددا كبيرا من الحوادث والقوانين حول بعض المبادئ ؛ أما التجريب فيعني الاختبار ، البحث، الدراسة إنه سؤال منهجي للظواهر لتحقق من فرضية أو عدة فرضيات ، باختصار النظرية هي محاولة تكوين صورة أو نموذج عقلي للواقع .وتعمل على اقتصاد المجهود الذهني وإضفاء النظام على القوانين . من هنا يمكن أن نتساءل عن علاقة النظرية بالتجربة .

أ‌- التجربة والتجريب

لا بد من التمييز بين التجربة الحسية أو الواقعية والتجريب العلمي ، في العلم التجربة تأخذ أبعادا خاصة ونقصد بها إجراءات البحث العلمي والمقصود مسائلة الظاهرة ولقد حدد كلود برناد خطوات المنهج التجريبي :

- الملاحظة العلمية : وهي مشاهدة الحوادث ومراقبتها وهي ليست ملاحظة عفوية بل موجهة وقصدية يلتزم فيها الملاحظ مبدأ الموضوعية

- الفرضية : وهي إجابة مؤقتة لتفسير الظاهرة من خلال استحضار كل الأسباب الممكنة لوقوعها ، وهي مشروع قانون ، ولصياغة الفرضية لا بد أن تكون نابعة من صلب الواقع ، وأن تكون قابلة للتحقق، خالية من التناقض

- التجريب : وهي إعادة بناء الظاهرة مخبريا ويتم التحكم فيها مما يتيح للباحث رؤية دقيقة للظاهرة مع إمكانية إعادتها إنها بتعبير آخر شكل من أشكال استنطاق الظاهرة .

- القانون : هو العلاقة الثابتة بين حادثتين أو أكثر مثلا الماء يتبخر في درجة حرارة 100 وفي ضغط جوي 76 . هنا العلاقة بين الحرارة والتبخر . هناك ثلاثة صور للقانون * التعبير على تركيب مثل الماء مكون من هيدروجين 2 أوكسجين * أو التعبير على ثوابت عديدة مثال سرعة الضوء هي 3.10 8 M/S * أو علاقة ثابتة مثال خصائص الكبريت أصفر يبقى أصفر في درجة حرارة 120

هذه هي خطوات المنهج التجريبي كما حددها كلود برنار. لكن هل جميع الحوادث قابلة للفحص وفق المنهج التجريبي ؟

إن واقع المادة تغير ولم تعد المادة في شكلها الماكرسكوبي ، بل أصبحت واقع متناهي الصغر ، وانتقلنا من عالم الكتلة إلى عالم الطاقة ؛ والانتقال إلى عالم الميكروفيزياء وعالم الفضاء والذرة خلق أزمة على مستوى المنهج وبالتالي ضرورة تغيير نظرتنا إلى العالم ، هذا يعني الانتقال من الفيزياء الميكانيكية مع نيوتن إلى فيزياء نسبية مع اينشتين وظهرت نظرية الكوانتوم مع ماكس بلانك وفتح كل هذا التغير أفاقا جديدة في العلم بعيدا عن الرؤية التجريبية الضيقة التي جعلت مهمة النظرية تقتصر على الوصف واستخلاص القانون . وتكون التجربة هي معيار صدق النظرية أو العكس ، وبالتالي يصبح العقل سجين التجربة مهمته تسجيل نتائجها . أما العقلانية الجديدة لم تحصر وظيفة النظرية في الوصف لأن الواقع المدروس غير قابل للوصف لصغره بل أصبح التجريب بناء عقلي ذهني إبداعي مجرد افتراضات مفتوحة على الممكن ؛ بهذا الشكل حلت النزعة الرمزية الرياضية محل النزعة التجريبية الحسية .

كويري :التجربة الخام عائق : التجريب يعني المسائلة المنهجية

رونيه توم : التجريب مرحلة أكثر تطور من التجربة

كلود برنار : خطوات المنهج التجريبي

يوضح كويري الفرق بين التجربة والتجريب

السمة الحسية للتجريب الكلاسيكي شكلت عائقا أمام تطور المعرفة

التجريب هو المسائلة المنهجية للطبيعة

العلم الكلاسيكي كان يساءل الطبيعة بلغة الرياضيات والهندسة وهذه اللغة لا تمليها التجربة

الموقف الذهني للعلم الكلاسيكي يتميز : *إضفاء الطابع الهندسي على المكان

*استبدال المكان المجرد للهندسة بالمكان الملموس

خلاصة القول يميز كويري بين التجربة في بعدها الحسي الخام والتي لم تساعد على تقدم المعرفة العلمية والتجريب الذهني الذي تخلص من العقل التقليدي في مسائلة الطبيعة

بنية النص : حجاجي استدلالي

المنهج : بنيوي تحليلي

المفاهيم : التجربة الخام ، التجريب ؛ المسائلة المنهجية ، لغة الرياضيات ، لغة الهندسة

ماهي شروط التجربة العلمية ؟

تمر التجربة من المراحل التالية :

  • إقامة المختبر
  • ملئه بالمواد الأولية
  • إحداث خلل في المنظومة المدروسة
  • تسجيل إجابات المنظومة

هذه الخطوات ترتبط بالملاحظة والتجريب

ننتقل من الملاحظة إلى التجريب الذي لا يتم إلا بإنجاز المراحل الأربعة

والتجريب لا يكتسي طابعه العلمي إلا بعد أن تتوفر فيه الشروط التالية :

- قابلية التجريب للإعادة

- تثير انتباه الباحث

في هذه الحالة يكون الهدف من التجريب التحقق من صدق الفرضية

الواقعة النظرية تهدف إلى إثبات أو تفنيد وجود كيانات نظرية

ينتقد النص التصور التقليدي للتجريب مع بايكون لأن التجريب وحده غير قادر على اكتشاف أسباب الظاهرة

لا يمكن للتجريب أن يكون علميا أو يستغني عن التفكير

علاقة التجريب بالنظرية علاقة اتصال

بنية النص : تقريري نقدي

المنهج : نقدي تحليلي

المفاهيم : المختبر ، المجال ، المنظومة ، الخطاطة ، النظرية

أهمية الفرضية في توجيه البحث

العالم الحقيقي هو الذي يهتم بالنظرية والتطبيق التجريبي

المراحل التي يمر منها البحث العلمي :

-الملاحظة

-تولد الفكرة في ذهنه

-بناء التجربة

-ملاحظة الظواهر الناتجة عنها

الملاحظ لا يستدل يلاحظ فقط ؛ الجرب يستدل بطريقة عقلانية

علاقة الملاحظة بالتجريب لأن الملاحظ هو نفسه المجرب

الفرضية هي فكرة متصورة ، والنظرية ليست سوى فكرة علمية مراقبة من طرف التجربة

بنية النص : تعليمي استنتاجي

المنهج : تجريب

المفاهيم : الفرضي ، الاستدلال ، التجريب ، الملاحظة ، المراقبة ،

لم تعد التجربة في شكلها التقليدي مواكبة للتطورات الحاصلة على مستوى التصور العلمي للواقع ، بقدر ما أضحت عائقا أمام أي اكتشاف لأنها ظلت رهينة الواقع الساكن الميكانيكي ، أما التجريب في نظر كوري فهو المساءلة المنهجية للطبيعة بهذا الشكل يميز كويري بين التجربة في صورتها الخام والتجريب المنظم . ونفس الشيء قام به توم الذي يرى بأن العلم الكلاسيكي يعتمد التكرار كأساس لبناء التجربة هدفها التحقق من صلاحية الفرضية اختباريا ، بينما التجريب المعاصر تجريب ذهني بالدرجة الأولى يبنى في العقل وهذا هو الشكل الإبداعي للتجريب المعاصر أنه تجريب مفتوح على الممكن .

إن هذا التصور المعاصر جاء منسجما مع التطورات المعرفية والتكنولوجية التي عرفتها البشرية ، التي أجبرت العقل على التحرر من النظرة الستاتيكية للمادة كما هو الشأن مع كلود برنار .

ب – العقلانية العلمية

لم يعد مجال للعقلانية المطلقة أو الواقعية المطلقة بل حل محلها نموذج جديد من العقلانية المطبقة يقول باشلار " هذه العقلانية الفعالة تتعارض مع الفلسفة التجريبية التي تنظر إلى الفكرة كما لو كانت تلخيصا للتجربة وذلك بالفصل بين

التجربة وكل قابليات التهيء " أصبحت عقلانية أكثر انفتاحا على الممكن . ترفض الصرامة المنطقية للعقلانية الديكارتية التي تعتبر العقل وحده مصدر المعرفة ، وترفض أن تكون المعرفة مجرد انعكاس للواقع الحسي كما تصور ذلك لوك

إنها عقلانية تقيم حوارا بين العقل والتجربة . تأخذ المعلومات وتحولها إلى برامج ومعادلات رياضية . عقلانية معاصرة تمثل رؤية جديدة تحاول استيعاب مظاهر جديدة ، انفتحت على التحولات التي وقعت في الرياضيات والهندسة الفراغية ، وأصبح المنهج الأكسيومي الموجه للبحث العلمي .

ج ب فرنان: نسبية وتاريخية العقل والعقلانية العلمية

م أركون : الأسس التي يقوم عليه العقل والعقلانية

ألمو: الفرق بين العقلانية الكلاسيكية والعقلانية المعاصرة

ماهي الأسس التي تقوم عليها النظريات المعاصرة ؟

يخضع العقل لشروط تاريخية تجعله يتحول بتحول شروط المعرفة

الإنتقال من العقل اللاهوتي الثابت المطلق إلى العقل العلمي المنفتح والنسبي

العقل في نظر المؤرخ هو أشكال من التفكير والإستدلال والبرهان

تتغير تقنايت العقل بتغير مجالات البحث

العقلانية المعاصرة أصبحت تستعمل لغة الرياضيات

العقل لا يمكن تصوره إلا داخل المنظومة التاريخية للمعرفة العلمية

لم يعد عقلا ثابتا مطلقا كما تصور ذلك العقلانيون الكلاسيكيون

بنية النص : تحليل حجاجي نقدي برهاني

المنهج : تحليلي عقلي

المفاهيم : العقل ، التاريخ ، العقلانية ،

ماذا حصل في القرن 16و 17 ؟

انعتاق العقل مع الحركة الإنسية من براثن العقل اللاهوتي القروسطي

ظهور عقلانية جديدة وذلك بالإنتقال من التفكير اللاهوتي المغلق إلى التفكير العقلاني المنفتح

بدأ العقل والعقلانية تأخذ معناها مع العقلانية الكلاسيكية

الآن تنتقل اوروبا من العقلانية الكلاسيكية القائمة على البداهة والمسلمات والمطلق إلى عقلانية أكثر انفتاحا

عقلانية نسبية نقدية

عقلانية تقوم بتصحيح مسار العقل باستمرار

عقلانية القروسطية : لاهوتية ثابتة

عقلانية الحديثة والكلاسيكية : يقينية مطلقة العقل ملكة فطرية

العقلانية المعصرة : نسبية نقدية تتقدم تصحح

بنية النص : تفسيرية حجاجي

المنهج : عقلي

المفاهيم : العقل ، العقلانية ، القروسطية ، نسبي نقدي ، لاهوتي

ماذا حدث على مستوى تطور المعرفة ؟

تركت العقلانية الديكارتية المطلقة المكان للعقلانية الكانطية النقدية

عقلانية ديكارت تنطلق من مبدأ العقل ملكة فطرية يكتفي بذاته مصدر كل المعارف

كانط تجاوز الجمود العقلاني الديكارتي وجعل من التجربة شرط بناء المعرفة

مع ديكارت قوانين الطبيعة مماثلة لقوانين العقل

مع كانط التجربة تفرض على الطبيعة قوانين العقل

المشترك بينهما هو المضمون العقلي القبلي

عند ديكارت البدا هات والأوليات

عند كانط مقولات أشكال قبلية

المعطى العقلي عندهما ثابت

العلم المعاصر عكس هذه التصورات يرفض المعطى القبلي

وليس العقل مجموعة من المبادئ

إنه قدرة على خلق وإبداع قواعد المعرفة

العقل المعاصر عقل نشيط وفعالية

بنية النص : وصفي تقريري

المنهج : عقلي

المفاهيم : العقلانية المطلقة ، العقلانية النقدية ، مضمون عقلي ، نشاط ، فعالية

ج- معايير علمية النظريات العلمية

لقد اعتقد العقلانيون القدماء بأن العقل هو معيار الحقيقة العلمية لهذا كان ديكارت يشترط البداهة والوضوح العقلي ، وأسس كانط موضوعية تجمع بين العقلي والحسي أما التجريبيون رؤوا بأن التجربة هي مصدر الحقيقة و النظرية ومجال التحقق من صلاحيتها ، هذا التصور بدأ مع علماء الفيزياء القدماء إلى الفيزياء الحديثة مع نيوتن ، لكن الوقائع المعرفية الجديدة أجبرت العقل على إعادة النظر في التصورات القديمة والحديثة ، لأن التجريدات العلمية الصحيحة كلها تعكس الطبيعة ، فمن التأمل الحسي إلى الفكر المجرد ومن الفكر المجرد إلى الممارسة العلمية ، ذلك هو مسار المعرفة العلمية كما لم يعد الواقع كما كان يدركه القدماء والكلاسيكيون واقعا مجسما أو جوهرا مطلقا بل أصبح أكثر تعقيدا وأكثر صغرا مما جعل المبادئ السابقة غير قادرة على استيعاب هذا الواقع وبالتالي لم يعد للقانون نفس الدقة والإطلاقية أصبح يحمل طابعا احتماليا .

فالنظريات العلمية المعاصرة أصبحت مجرد إنشاءات عقلية حرة قابلة لأن تتجدد إلى ما لا نهاية . أي أن تاريخ العلم أصبح تاريخ تصحيح أخطاء ( باشلار). وأن علمية النظرية تتحدد في قابليتها للتكذيب على حد قول بوبر .

انشتاين : لم يعد التجريب في شكله القديم صالحا لبناء النظرية

دوهيم: معيار صدق وصلاحية النظرية عدم تناقض الفرضيات مع النتائج

بوبر :معيار صدق النظرية هو مبدأ التزييف أو التكذيب

ملخص الفلسفة 2 علمي الغير

- الغيــــــــــــــــــــــــــر

ليس الإنسان من حيث هو شخص مجرد فرد معزولا ، إنه أنا تعيش إلى جانب الآخرين ، وهو في حاجة إليهم والعكس صحيح وتمثل الجماعة المكان الملائم له ؛ لكن هذا التعايش يطرح عدة إشكالات ذاتية وموضوعية . إشكالات تتعلق بالغير المخالف أو المشابه لأناه. لأن هذا الغير هو أنا أخرى قائمة بذاتها تمثل شخصا متفردا ومتميزا . وهو في حاجة إلى الاعتراف المتبادل لأن له وللغير نفس الكيان والحقوق والواجبات ؛ إنه إقرار بوجود أنا أخرى مشابهة مادام يشابهها في كثير من الصفات العامة ( الفيزيولوجية ، النفسية ، السلوكية ،...) لكنه مخالف حين يتعلق الأمر بالمؤهلات والاختيارات والرغبات والمواقف ...

ما يمكن معرفته بصورة مباشرة هو الأنا المباشرة ، أم الآخر الغير فيصعب علي تحديده أو إدراكه بصورة مباشرة لأن هذا الغير يملك من الإمكانيات على التلفظ والترميز والتخفي تجعل معرفته صعبة للغاية .

فكيف يمكن معرفة الغير دون أن افقده خصوصيته ؟ هل معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل معه ؟ ألا يؤدي التواصل إلى فقدان أحد الأطراف حريته بل وتلقائيته ؟ هل يعتبر الاختلاف الثقافي والحضاري من بين الحواجز التي تحول دون معرفة الغير ؟ ألا يعتبر التواصل والحوار وسيلة لإزالة الحواجز بين الأنا والغير للقضاء على العنف والعنصرية؟

أ‌- وجود الغير

أسست الفلسفة اليونانية مفهوم الغير على مبدأ الهوية (أرسطو) ، بحيث أن كل شئ مطابق لذاته ويكون بالقياس إلى غيره مختلف عنه ، وينتهي هذا إلى التناقض عند تقابل ألهو هو بالآخر كتقابل الوجود بالعدم أو تقابل المعاني مثل مادي لامادي حقيقي لاحقيقي ..... إن لكل شئ ضده .هذا التصور لم يتجاوز الوعي الميتافيزيقي بالذات وبالغير كوجود ، ( النظرة الانطلوجية للذات وللغير ) لهذا لم يشكل الغير في الفلسفة اليونانية مشكلا ابستيمولوجيا إلا مع الفلسفة الحديثة .

مع الفلسفة الحديثة اتخذ مفهوم الغير معنى آخر أكثر اتساعا مما كان عليه في القديم ، مع ديكارت استبعد الغير كوجود وركز على الوعي الذاتي داخل الخطاطة الثنائية وعي \جسد . أما هيغل فالوعي بالذات يتم من خلال العلاقة المابين الشخصين .

لقد أكد ديكارت من خلال تجربة الكوجيطو أن الأنا وحده موجود ، وهذه هي الخلاصة الأولية اليقينية التي توصل إليها خلال عزلته الوجودية التي استبعد فيها كل شئ حتى الغير ، لأن هذا الأخير يوضع في مصاف الأشياء الخارجة عن ذاتي ، لهذا اشترط ديكارت البداهة والوضوح العقلي كشكلين ضروريين للوصول إلى الحقيقة ، ومادام كل شئ يحيط به الشك فقط شئ واحد لا يتسرب إليه الشك هو أنا أفكر . وأي معرفة على الخارج تتم من خلال التفكير نستدل عليها بالعقل.

وهكذا بالنسبة للغير الذي وجوده في نظر ديكارت وجود افتراضي فقط ، يقول ديكارت إننا على عجز تام لتأكيد وجود الغير ، فقط بواسطة التفكير والفهم واللغة نستدل على وجود الغير ويتم هذا بالمماثلة . إذن الشيء الوحيد الذي هو متأكد من وجوده هو الأنا الفردي أو الوحدي Solipsisme .

في مقابل هذا التصور المفرط في الذاتية ؛ نجد هيغل يؤسس فلسفة للوعي يحتل فيها الغير موقعا مركزيا ، فالوعي ليس وعيا ميتافيزيقيا انه وعي ينمو ويتطور عبر الصراع من اجل الاعتراف .أي أن الوعي في تكونه يواجه وعيا آخر وخلال هذه المواجهة تنشأ العلاقة الإنسانية التي تتميز بالصراع مثال علاقة السيد بالعبد . تتميز العلاقة بين الوعيين بنوع من المجازفة لان كلاهما يسعى إلى سحب الاعتراف بالأنا غايته في ذلك الحفاظ على الحياة . إذن الغير في نظر هيغل شرط ضروري للوعي بالذات ، يقول هيغل يتعلم وعي الذات في هذه التجربة أن الحياة هي بالنسبة إليه جوهر مثل وعي الذات .

إن العزلة الوجودية أفضت بديكارت إلى إقصاء وجود الغير كذات ؛ في حين الصراع القائم بين الذوات هو دليل على وجود الغير . أي أن الوعي بالذات يقتضي الوعي بوجود الغير.

سارتر : وجود الغير كأنا منفصل عن أناي ضرورة للوعي بالذات

ميرلو بونتي : وجود الغير بصورة مستقلة ولا يمثل موضوعا أو شيئا

أهمية وجود الغير بالنسبة للذات ؟

بدأ سارتر بشرح ظاهرة الخجل التي حالة ذاتية اتجاه شخص ما

موقف الذات من الآخر . الذي أصبح يمثل دور الوسيط بين أنا والنفس .

الخجل هو خجل من النفس من حيث تتبدى للآخر

ظهور الغير شكل فرصة للحكم على نفسي لأني أصبحت أقوم سلوكي من حيث يراني الآخرون

سرعان ما تحولني نظرة الآخر إلى موضوع والعكس صحيح

الخجل هو خجل من الذات أمام الغير .

حاجة الذات الى الغير لأدراك بنية الوجود ككل .

العلاقة مع الغير تتخذ بعدا معرفيا ووجوديا فهو إذن شرط لوجودي ولا غنى لي عنه لمعرفة ذاتي .

بنية النص : عرض ، تفسيري ، تقريري

المنهج : تأملي عقلي

المفاهيم : الخجل ، الشعور ، الوجود ، الغير ، النفس ، الذات

هل وجود الغير مسالأة بسيطة بالنسبة للفكر الموضوعي

يميز ميلولوبنتي بين الجسد والوعي

الجسد يمثل البعد المادي وهو شبيه لغيره

أما الوعي فهو الي يمثل الحقيقة وهو متفرد مستقل ولايمكن معرفته بصورة مباشرة

هناك وجودان : *الوجود في ذاته ويخص الأشياء منها الجسد

*الوجود لذاته ويخص الوعي وهو متفرد

الغير هو وجود لذاته مثلما هو وجود الأنا لذاته وهذا يخص الوعي

الغير أمام الأنا هو وجود في ذاته ومن أجل ذاته ولمعرفته ينبغي تمييزه عني أي أن أضعه في مصاف الأشياء

وأن أفكر فيه كوعي

رغم محاولتي التفكير في هذا الغير فإنه من الصعوبة ما كان النفاذ اليه أي أنه ليس موضوعا أو شيء

بنية النص : تحليل ، نقد ، تفسير ، استنتاجي

المنهج : بنيوي ، نقدي

المفاهيم : وعي خالص ، بنية ، الوجود لذاته والوجود في ذاته

يعتبر سارتر الوجود الإنساني سابق على الماهية وأن الحرية شرط هذا الوجود ، فالأنا في التصور الوجودي هو أنا في مواجهة نظرة الغير كوجود لا تحكمها علاقة نفي كما هو الشأن مع ديكارت ولا علاقة عبودية كما تصور ذلك هيغل بل تتميز بالاعتراف المتبادل يغيب فيها عنصر الإلغاء لأن شرط وجود الأنا والغير الحرية لهذا اعتبر سارتر الوجود الإنساني مشروع . و تظهر ضرورة الآخر بالنسبة لأنا للوعي بوجود الغير . مع ميرلوينتي يدخل الأنا مع الغير في علاقة الاعتراف المتبادل مع الحفاظ على فردية كل واحد منهما كما لا يمكنني النفاد إلى عمق هذا الغير لأنه أنا قائمة بذاتها .

ب – معرفة الغير

هل من الممكن تحويل الغير إلى موضوع للمعرفة ؟ هل معرفة الغير ممكنة ؟

سارتر : معرفة الغير غير ممكنة لأنها تحوله إلى شيء ( مجرد انطباع)

ميرلوبنتي : معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل

مالبرانش: معرفة الغير غير ممكنة مجرد تخمبن أو افتراض

هل معرفة الغير ممكنة ؟

الغير مغاير لذاتي إنه أنا أخرى

إدراك الغير اختباري من حيث هو جسم في ذاته

الشيء الذي يفصل بين الجسمية هو العلاقة الشيئية بينهما

لا يوجد أي رابط بينهما سوى على مستوى إنهما شيئين مختلفين قائمين بذاتهما

النتيجة التي وصل إليها هي أن الآخر غير ضروري لوجودي

وإدراكه يتم باعتباره موضوع لمعرفتي فقط

وكل ما أكونه عنه هو مجرد انطباع فقط

لأني الأنا هي التي تكون هذا الغير ضمن حقل التجربة وبالتالي إلا صورة ذهنية .

بنية النص : عرض ، تفسيري ، تقريري

المنهج : تأملي عقلي

المفاهيم : انطباع ، الذات ، أنا لست أنا ، امبريقي ، حقل التجربة ، صورة ذهنية

ما هي الصورة التي أدرك عليها الغير

كسلوك

التجربة الداخلية من الغير الممكن إدراكها

من الصعب إدراك حالة الغير النفسية لأنها حالة خاصة كل ما أدركه هو التمظهرات الجسدية

الوضعيات التي يكون عليها كل من الأنا والغير غير متشابهة

الأنا تستحضر حالة ما وتشارك الغير مثلا حزنه

فالحزن هو وضعية تعيها الأنا بمفردها

خلاصة القول هو أن الأنا والغير يعيشان وضعية متناقضة أو مخالفة من خلالها يحاولان بناء وضعية مشتركة للتواصل فقط

بنية النص : تحليل ، نقد ، تفسير ، مقارنة ،

المنهج : بنيوي ، تحليلي

المفاهيم : وضعية ، التواصل ، السلوك ، التصرفات ، الوعي ، الجسد

معرفة الغير مجرد معرفة افتراضية

لأنها تختلف عنا فمن غير الممكن معرفتها عن طريق الوعي

لهذا المعرفة هي مجرد افتراض ليس إلا

من المخطئ الحكم على الآخرين من خلال ذاتي

لأن أناي تخضع للأهواء

لهذا معرفتنا بالآخرين غالبا ما تكون خاطئة

لأنها ليست معرفة موضوعية بقدر ماتكون ذاتي تلعب دروا في إصدار الحكم

بنية النص : تفسيري ، برهاني ، استدلالي ، حجاجي ، المقارنة

المنهج : عقلي ، مقارن

المفاهيم : افتراض ، نفوس ، الخطأ،الحكم ، الأهواء ، الأحاسيس





إن أي محاولة لإخضاع الغير إلى نشاط التفكير تعني تجريده من الذات والوعي والحرية أي تجميده ؛ وهنا تبدأ الإشكالية ، لأنه يفقد خصوصيته ومقوماته كوعي وكحركة وكإرادة وبالتالي يستحيل معها التواصل لأن الأنا قام بتشيئ الغير وجمد فاعليته .

يقوم سارتر بالفصل بين الأنا والغير ويحدده في الصراع القائم أولا بين الجسم والذات ؛ وثانيا بين أنا وأنا أخرى ، فسارتر يدرك الأنا الأخرى إدراكا امبريقيا انه إدراك للجسم ، أي أن إدراك الغير تتم عبر الجسم ؛ وبهذا الشكل تنفصل الذوات عن بعضها البعض ولا تؤثر في كينونتها على بعضها البعض ؛ أي أن وجود واحدة لا يتوقف على وجود الأخرى يقول سارتر فانه لما كان لا يمكن للغير أن يؤثر في كينونتي بكينونته ، فان الكيفية الوحيدة التي يمكن أن ينكشف لي بها هي أن يتجلى لمعرفتي كموضوع . أي أن الأنا هو الذي يكون صورة ذهنية للغير ضمن حقل التجربة . وضمن هذا الحقل تنشأ العلاقة بين الأنا والغير وبمجرد ما يدخل حقل نظرتي حتى أجمده وأحوله إلى شئ ، ونفس الشيء نظرة الآخر تقيدني وتحد من حريتي وتشل تلقائيتي ، وتصبح معرفة الغير مجرد انطباع لا أقل ولا أكثر . إن سارتر اهتم بمعرفة الغير من موقع العقل القائم على مبدأ الحكم والاستدلال لهذا يقول إني أرى و أقيم حسب ما أعتقد بأن الآخرين يرونني ويحكمون علي وهنا اشعر بخيبة الأمل ؛ويزداد الجحيم كلما كانت علاقتي بالآخرين فاسدة وملتوية الجحيم هم الآخرون

هذا التصور سيتم تجاوزه مع النظرة الفينومونولوجية للغير ؛ يرى ميرلوبنتى بأن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع ، كما لا تحوله نظرتي إلى موضوع . لأن الغير عكس ما تصوره سارتر انه ذاتا تنفعل لها سلوك Comportement فالغير حالة خاصة لها حياتها يمكن من خلال الصداقة أن أشاركه مثلا الحزن . فالصورة التي أعطاها سارتر للغير باعتباره جحيما تزول بمجرد ما ينطق هذا الغير بكلمة ؛ أي بمجرد ما تدخل الذات في تواصل مع الغير تتحطم فكرة التعالي عن الأنا الآخر .

لكن هذا الغير ليس مجرد سلوك أو تصرفات يكفي أن نتواصل معه لمعرفته ؛ لأن هناك باطنا نفسيا خاصا بها لايمكن النفاذ إليه ، مثلا لا أستطيع أن أشارك الغير أحزانه مهما بذلت من مجهود كل ما أقوم به هو التعبير عن شعوري بالثأتر ؛ فالحياة النفسية للغير حياة خاصة تبدو مستحيلة عن الأنا ، وهذا ما ستعمل على إنجازه مدرسة التحليل النفسي مع فرويد ، فالغير أحيانا يكون وسيطا ضروريا لبلوغ أعماق اللاشعور مثال المحلل النفسي .

نلاحظ بأن هناك اختلاف حول السبل التي تؤدي إلى معرفة الغير ؛ لهذا يقترح دولوز تصورا مغايرا إذ يرى في الغير بنية ونظام من التفاعلات بين الذوات . فعندما تدرك الذات شيئا ما تدركه من خلال الغير ، لأن هذا الغير بمجرد ما يتكلم يضفي على الممكنات شيئا من الواقعية . إن الغير هو الوجود الممكن المغلف . واللغة هي واقع الممكن من حيث هو ممكن ، والأنا هو بسط وتفتيح للممكنات ... فان الغير بوصفه بنية هو تعبير عن عالم ممكن ، انه هو الشيء المعبر عنه مدركا بوصفه لم يوجد بعد خارج ما يعبر عنه .

خلاصة القول تعترضنا صعوبات عدة عند محاولة إخضاع الغير للمعرفة ، تتعلق من ناحية بطبيعة الموضوع الذي يتميز بالحركية والفعل والقدرة على الترميز ، ومن ناحية أخرى بأي المناهج يمكننا إجراء مقاربة موضوعية ، وهل الموضوع يقبل الموضوعية ؟

ج- العلاقة بالغير

تتعدد أوجه العلاقة بالغير وتتخذ أبعادا مختلفة بين الابن والأب ، والأم ، والأخ ، عشيقين ، بين خصم ومنافسه ، بين المعلم والتلميذ بين الضحية والجلاد ...هذه العلاقة لا تتوقف عن التغير وتأخذ أشكالا متنوعة إن لم تكن متناقضة ، إنها التعبير الواضح عن طبيعة الوضع البشري . الذي اتخذ صيغا مختلفة مثال الجحيم هم الآخرون سارتر ؛ إن أكبر عقاب لي هو أن أكون وحدي في الجنة مالبرانش...

يقيم الناس فيما بينهم أشكالا من العلاقات المختلفة ويستعملون الكثير من أدوات التواصل ويتصرفون حسب الوضع الذي يكونون عليه . ويكشف لنا هذا الوضع عن تعقد العلاقة التي تمتد إلى الأنانية المفرطة أو الإيثار المفرط . وتنجلي هذه العلاقة في شكل تمظهرات مختلفة : الحب الكراهية الصداقة العداوة التعصب التسامح .. وهذا يحيلنا على صورتين للعلاقة مع الغير فهو إما صديق أو غريب .

هيدجر:علاقة اشتراك مع الغير

كريستيفا : الكشف عن الغريب الذي فينا

ميرلوبنتي: ممكن مد جسور التواصل مع الغير

ما طبيعة العلاقة مع الغير ؟

ما يحد طبيعة العلاقة هو الوجود المشترك

لهذا الوجود هو من أجل العالم المشترك مع الغير

العلاقة لا تحددها نظرة الذوات لبعضها لبعض

الآخرون يلتقون لأنهم يوجدون في عالم مشترك عالم حيوي

العلاقة هي علاقة انشغال إنها تجربة مع الآخرين

بنية النص : تفسيري ، حجاجي ، عرض ، نقد

المنهج : عقلي ـالملي

المفاهيم : الوجود ، التجاور الآنطلوجي ، الوجود مع الغير ، اشتراك بين الذوات ، الانشغال

ليس الغريب هو ذلك الآخر بالمعنى الواسع

الغريب يسكننا إنه القوية الخفية لهويتنا

الغريب ينشأ عندما يتكون لدي وعي بالاختلاف وندرك بأننا غرباء في ذات الوقت

فكرة الغريب لها دلالة حقوقية بالقياس إلى مفهوم المواطنة

الغريب ليس هو ذلك المخالف لنا بل هو يجثم فينا

نظرة الغير لا تحولني إلى شيء كما لا تحوله نظرتي إلى شيء إلا إذا انسحب كل واحد منا وانغلق على نفسه

إن النظرة اللاإنسانية لبعضنا البعض هي التي تحولنا إلى مواضيع

لكن التواصل بين الأنا والغير يجعل العلاقة ممكنة

لا يبقى الآخر مجهولا بالنسبة لي إلا إذا ظل منغلقا على ذاته صامت

ولكن بمجرد ما ينطق حتى يبدأ بالكف عن التعالي والإعلان عن وجوده

بنية النص : تحليل ، حجاج ، استدلال ،

المنهج : تحليل ، نقدي ظاهراني

المفاهيم : التواصل ، الحوار ، الغير ، لا إنساني ،

يدل مفهوم الغريب على كل من ليس أنا ؛ بمعنى أنا أخرى مخالفا لي ثقافيا وعرقيا ودينيا أي كل ما هو مخالف لهويتي ويصبح مبدأ المواطنة في بعده الحقوقي أساسا لتحديد من هو الغريب ؛ لكن كريستيفا تعتبر هذا التحديد سطحيا لأنه يشير إلى ما هو مرتبط بالهوية إلي حالة منغلقة على ذاتها تقصي كل من ليس منها ؛ بينما واقع الأمر أننا نحمل في ذواتنا حالة من الغربة غالبا ما نغض الطرف عنها ومن هذا المنطلق ينشأ شعور فردي أو جمعي يدفع الأنا إلى إقصاء الغير بل والعمل على القضاء عليه ويغذي هذا الشعور وسائل الإعلام بتذويب التناقضات لصالح الأنا الفردية أو الجماعية ؛ وهكذا تكون أسطورة التفوق العرقي أو الثقافي أو القومي حالات مدمرة تلغي الآخر وتجعل مثل هذه الشعوب تكرر مأساتها وتعيش وهم التاريخ وهم التفوق وهم الشعب المختار .يقول كيوم لم تعد ثمة مواجهة رمزية تنظمها الديانة أو الطقوس أو المحرمات ، إننا أصبحنا نعيش وهم الآخر.

ينبغي أن ندرك أن الغير ضروري للأنا لأنه ينعش الفكر يقومه ، وهذا يتطلب وعي بالذات والمطالبة بقاعدة من قواعد اللعب كحد أدنى لكي يتاح لكل واحد ، في نهاية التحليل ، أن يفكر فيما يريد . أي أن العلاقة هي علاقة انشغال تجربة مع الآخرين على حد تعبير هيدجر. كما يلعب التواصل والحوار عنصرا ايجابيا في هدم تلك الهوة القائمة بين الأنا والغير .

إن الموقف الذي يجب اتخاذه من الغريب ليس هو موقف الإقصاء لأن هذا الغير هو إنسان قبل كل شيء وهو عنصر ثقافي لهذا لابد من فسح المجال للحوار والتسامح والاحترام والحق في الاختلاف حتى نضمن حدا أدنى من التعايش ضمن الحفاظ على استقلالية الأنا والغير .