samedi 23 mai 2009

نموذج من إنجاز تلميذة : شعبة علوم فيزيائية

الإمتحان الوطني التجريبي
هل معرفة الغير ممكنة ؟
الجواب من انجاز التلميذة بولحجار صفاء : علوم فيزياء
دون تغيير أو تصحيح

مما لا شك فيه أن الغير شكل قضية حضيت باهتمام الفلسفة بشكل خاص سواء القديمة أو الحديثة أو المعصرة ؛ والغير من حيث هو قيمة إنسانية إشكالية مرتبطة بالوضع البشري كوضع يتسم بالصعوبة والتعقد والتداخل . ونجد السؤال الماثل أمامنا يسلط الضوء على قضية الغير من حيث هو المشابه والمخالف والقريب والبعيد والصدسق والعدو والمنافس والمعروف والمجهول . ذلك أن مفهومه ينطوي على متناقضات ومتقابلات الشيء الذي يجعل من الصعب مقاربته والإحاطة به . ونجد السؤال الماثل أمامنا يرفع إشكالا من أهم الإشكالات ألا وهو معرفة الغير . فالمعرفة بمفهومها كبناء متماسك وحقيقة مدركة تفرض نفسها داخل هذا الإشكال التي تتم مقاربتها من زاوية معينة ألا وهي معرفة الغير كأنا أخرى مختلفة عن أناي حسب تعريف سارتر .
ومن هنا يمكننا طرح الإشكال التالي : هل معرفة الغير ممكنة أم أنها مستحيلة ؟ ثم ما هي الأطروحة التي يؤدي إليها السؤال وما المبررات التي ترمي إليها ؟ و إلى أي حد يمكن قبولها ؟
الحديث عن معرفة الغير يوحي بأننا نقبل ونقر بوجود الغير كذات مستقلة عن الأنا وبالتالي فالسؤال المطروح أمامنا يعترف بأن الغير موجود و بأننا لا يمكن أن نستغني عنه وهو في نفس الوقت يدحض الأطروحة التي تصر بأن وجود الغير افتراضي ويتجاوز دلك إلى معرفة الغير ويطرح التساؤل هل هذه المعرفة ممكنة وحتى وإن كانت ممكنة هل هي كلية أم مجرد افتراضات نبنيها حيث ننطلق من انفسنا ونسقط ما يميز شخصيتنا على الغير ؟ فإذا كانت معرفة الغير ممكنة فكيف يمكنها أن تتم ؟
قد يتعلق الأمر بالإنكشاف الكلي للذات أمام الشخص والفكر المنفتح أمامها أي أن يكون هذا الغير الذي هو في نفس الوقت يبقى شخصا مستعدا إلى أن ينكشف الآخرين ، أو قد تتم المعرفة فقط من خلال المماثلة أي أنه بما أنني شحص و هو كذلك و أنني ذات و هو كذلك إذن فيمكن التواصل إلى أننا متشابهين ويمكن أن أدرس ملامح شخصيته بإسقاط شخصيتي على تصرفاته فأتوصل بذلك إلى حقيقته الكلية . أو ربما أن أصاحبه وأحاول التقرب منه من خلال علاقة صداقة فأفتش في خباياه وأحاول الدخول إلى عالمه الغريب مني .
لكن مهما كانت هذه المعرفة أيمكنها أن تكون مطلقة ؟ أليس شخصا آخر قادرا على الكذب والتخفي ؟
وفي نفس الصدد نجد مجموعة من الفلاسفة الذين يؤكدون أن معرفة الغير ممكنة ومن بينهم ميرلوبنتي الذي في الغير عالما ممكنا قابلا للمعرفة من حيث هو مجموعة من الأنوات الشبيهة بأناي .
في حين نجد من المفكرين من يعارض هذه الأطروحة ويدحضها فساؤتؤ مثلا يرى في الآخر جحيما " l’autre c’est l’enfer " من حيث أن نظرته تشيئني وتسلبني تلقائيتي ومن أبرز الظواهر التي أكدها ظاهرة الخجل حيث أنني أشعر بالخجل إلى بوجود الغير لأن نظرته إلي تحولني إلى موضوع للمعرفة فتحرمني بذلك من حريتي ومن إنسانيتي لأن الشخص مهما كان وكيفما كان لا يمكن تحويله الى موضوع للمعرفة فهو يسمو عن ذلك ويرقى ، لذلك يرى سارتر أن معرفة الغير مستحيلة وفي نفس صدد ما جاءت به أطروحة سارتر نجد هيغل يرى في الغير وجودا تربطنا به علاقة صراع من أجل الإعتراف وهي بذلك مغامرة بالحياة قد تنتهي بالموت في حالة عدم تحقق الإعتراف ومن خلال ذلك نجده يعترف بوجود الغير تماما كالفكرة التي يرمي إليها السؤال لكنه لا يعتبر معرفة الغير ممكنة لأن هذا الغير قادر على التخفي والكذب كي لا يقر بعالمه الداخلي .
إن كل هذه الأطروحات الفلسفية بامتياز تتميز بقيمتها المعرفية حيث ساهمت في إغناء النقاش هو إشكال الغير وجوده ومعرفته بالإضافة الى قيمتها النقدية حيث جاءت لتجاوز أطروحات أخرى متناقضة كالأطروحة التي تجعل من وجود الغير وجودا افتراضيا وتؤمن بالعزلة الفردية والوجود المستقل عن الآخر . كما تتميز هذه الأطروحات بطابع فلسفي يعطيها قيمة فلسفية إذ تستند أساسا على العقل والتحليل والتركيب والإستنباط .
لكن إلى أي حد تبقى كل أطروحة من هذه الأطروحات مقبولة ؟
إن التأكيد على أن معرفة الغير ممكنة وعلى أنه عالم الممكن مقبول بالنظر الى المرجعية التي تحكمت في بناء هذه الأطروحة و إلى الظروف التاريخية التي تأثرت بها كثورات القرن 19 ومت نتج عنها من إيمان بالتغيير والممكن .
لكن هذه الأطروحة تبقى نسبية لأن الغير يبقى آخر قادرا على التخفي وعدم الكشف عن نفسه وعالمه الداخلي الخاص به .
كما أن التأكيد على أن معرفة الغير مستحيلة مقبول لأن في تحويلنا للذات الى موضوع للمعرفة والدراسة تشييئ له وسلبه إنسانيته وحريته والحط من قيمته . لكن تبقى هذه الأطروحة نسبية لأن هذا الغير يبقى و إن كانت معرفته صعبة كائنا منفتحا يقبل بربط علاقات صداقة مع الآخرين وهو بذلك يكشف عن جزء من تكوينه الشخصي .
وختام القول ليس الشخص سجنا منغلقا على نفسه وليس بيتا مفتوح الأبواب والنوافذ كلها . فهو بالرغم عن كشفه على بعض الجوانب من شخصيته يخفي البعض الآخر ، وهكذا تبقى إشكالية معرفة الغير مطروحة نظرا لأنه لا يمكن دراسته كلية من جميع الجوانب ، لأن الحديث عن الغير هو أيضا حديث عن الشخص من حيث هو كائن بيولوجي وسيكولوجي وسوسيولوجي وعاقل وغير ذلك ؛ كما أن الحديث عن الغير يدفعنا الى الحديث عن الواجب والحرية وعن الحق والعدالة من حيث هو كائن يحتاج الى تنظيم يضمن له حقوقه لأنه لا يستطيع العيش وفق لقانون الغاب ولن يتحقق ذلك سواء عن طريق الدولة . والغير كائن يبحث دوما عن الحقيقة لفهم حقيقة وجوده ولن يتحقق ذلك سوى من خلال إنتاج نظريات وتجارب وبالتالي فإذا كانت معرفة الغير نسبية كيف يجب التعامل معه ؟