dimanche 6 avril 2008

ملخصات : دروس الفلسفة

الوضع البشري

مقدمة

لقد أصبح من الضروري التساؤل عن طبيعة الوضع البشري لأن نظرتنا إلى الإنسان تختلف باختلاف الزاوية التي ننظر منها إليه .فإذا نظرنا إليه باعتباره شخصا فإننا نقاربه من زاوية الأخلاق أو القانون أو الميتافيزيقا ، وإذا نظرنا إليه في واقعه الاجتماعي وعلاقاته بالآخرين فإنه يعكس التمظهرات التي يظهر بها ، فهو إما شبيه أو مماثل أو عدو أي يعكس وضعا متميزا .

إن الإنسان كائن بيولوجي يخضع للمؤثرات الطبيعية والزمنية التي تنتمي إلى وجوده الطبيعي ككائن حي ؛ وفي نفس الوقت إنه كائن عاقل بامتياز ؛ بحيث أتاحت له ملكة العقل القدرة على التباعد أو الانفصال عن الوضع الطبيعي خالقا مجالات إنسانية خاصة وبدأ يؤرخ لوجوده ولكينونته ؛ وضمن هذه الكينونة الإنسانية نسج علاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية. لهذا التجربة الذاتية لشخص ما لا يمكن إدراكها إلا ضمن الوجود الإنساني ككل ؛ فالأنا الفردي هي أنا جماعية ، أي أن التجربة التاريخية مشتركة رغم تميز الذوات عن بعضها البعض ، ولأن البعد الأساسي والوظيفي في الشخص حاضر .وهذا ما يعطي للوجود الإنساني بعدا رمزيا وثقافيا بصفته شخصا أخلاقيا وقانونيا مؤسسا علاقات تفاعل واندماج مع الغير .وكأن الآخر ضروري لتكوين الوعي بالذات ومعرفة خصوصيتها . من هنا نطرح الأسئلة التالية كيف تتناغم هوية الشخص مع هوية الجماعة ؟ وكيف يعيد الشخص بناء شروط وجوده ؟ وما دور الإنسان في صناعة التحولات التي تعرفها المجتمعات البشرية؟

1الشخص

إنه من الصعوبة بمكان تحديد مفهوم الشخص كما أشار إلى ذلك إمانويل مونيه في مؤلفه حول الشخصانية ، لأنه ليس بشيء إنه كائن له شخصيته لا تتحدد فقط من خلال وظيفته أو سيماته الكلية بل من خلال خصوصيته التي تجعل منه كائنا متميزا ومتفردا . الشخص كيان نفسي واجتماعي واقتصادي ولسني ... يقول مونيه كنا ننتظر أن تعطي الشخصانية معنى للشخص ولكن في الواقع لم تحدد سوى المظهر الخارجي أي ما يمكن أن يقع عليه نظرنا في حين لم تستطع الغوص في الموضوع لأن الشخص ليس بشيء . وهكذا فالسمة الأساسية للشخص هي هويته ، وهذه الهوية تتشكل عبر نموه وتطوره من خلال علاقاته المتنوعة والمتداخلة مع الغير القريب والبعيد ، وتكون اللغة الحامل للمعطيات الأولية لتشكل الأنا ونمو الوعي بالذات والعالم والغير . هنا تبدأ الملامح الوجدانية والذهنية والمعرفية تتشكل وتظهر معها السمات الأولية للشخص .وتلعب الذاكرة دورا كبيرا في تشكل الوعي بالذات كأنا عاقلة .

من هذا المنطلق يمكن أعطاء معنى أولي لمفهوم الشخص : موضوع morale باعتباره كائن يتمتع بالحرية و حق الاحترام و الحفاظ على كرامته . نستخلص من هذا التصور أن مفهوم الشخص لا ينطلق من مبدأ الوجود أو مبدأ الحدث ولكن من مبدأ الحق كأن نقول مثلا يجب أن أتحمل مسؤوليتي ، يجب أن أضع حدودا لأفعالي حتى أضمن احترام الآخرين لي ....هنا يظهر مبدأ الواجب . يقول كانط الأشياء لها فقط ثمن والشخص له كرامة وهذه الكرامة تستوجب الاحترام والتقدير .من هذا المنطلق العبودية مسألة لا أخلاقية ونفس الشيء الدعارة لا أخلاقية وبيع الأعضاء البشرية ليس بأخلاقي ...

لهذا قد نعتبر فكرة الكوجيطو الديكارتية بمثابة التعريف الأولي لمفهوم الشخص المتفرد القادر على التمييز بين الخطأ والصحيح بين الخير والشر بفضل ملكة العقل وقوة الإرادة .

وقبل أن ننتقل لمعالجة الموضوع لا بد من التمييز بين مفهوم الشخص والفرد ، الفرد غايته تحقيق ذاته مما يؤدي به إلى الفر دانية والانعزال أو الانطواء على الذات . بينما الشخص يتمحور حول الغير ولا يتعرف على ذاته إلا من خلال الغير وذلك بالتخلص من الميل الفر داني .

نحن الآن أمام إشكالات تتعلق بالمفهوم من ناحية وبالمنهاج من ناحية أخرى . إضافة إلى الإشكالات الفلسفية التي يطرحها المفهوم مثل الحرية الإرادة الاستقلالية الأخلاق ...

أ—الشخص والهوية

المقصود بالهوية أن الشيء هو هو ؛ فالهوية الفردية للشخص تنحصر في نظرته لنفسه وتعريفه لذاته ، وهذه الهوية لم تولد معه بل تشكلت من خلال المجتمع . وهكذا تظهر مبكرا إشكالية الهوية عند الطفل خاصة إذا كان ينموا في وسط تغيب فيه المرجعيات ، نقول أحيانا إن مشكلة الهوية مشكلة اليافعين. فكل شخص يقدم نفسه ك"أنا" ويضفي على تجاربه الشخصية طابعا ذاتيا حيث يمركز الحديث حول الأنا . يقول لوك " لكي نهتدي إلى ما يكون الهوية الشخصية لا بد لنا أن تتبين ما تحمله كلمة الشخص من معنى ، فيما أعتقد ، كائن مفكر عاقل قادر على التعقل والتأمل ، وعلى الرجوع إلى ذاته باعتبار أنها مطابقة لنفسها ،" إذن مالذي يحدد هوية الشخص ؟

ديكارت : مقومات الهوية الوعي بالذات، خاصيتها التفكير

لوك : العقل صفحة بيضاء تلعب التجربة والحواس دورا في

تشكل هوية الشخص

- يعتبر ديكارت الوعي بالذات أحد مقومات هوية الشخص

انطلق ديكارت من السؤال حول طبيعة الأنا : التي تتميز بخاصية التفكير . الحقيقة التي لا تقبل الشك هي أنه يوجد كذات مفكرة

- الأنا الديكارتي قائم بذاته خاصيته التفكير إنه جوهر

- يميز ديكارت بين الجوهر والمظهر ليصل إلى نتيجة وهي أن النفس العاقلة لا تحتل حيزا وليست بمادة .

بعدما تأكد ديكارت عقليا من طبيعة الأنا العاقلة ، التي خاصيتها التفكير توصل إلى خلاصة قطعية هو أنه الشخص عينه الذي يحس ويفكر ويدرك ...

المنهج : عقلي تأملي

- بدأ لوك بتعريف مفهوم الشخص : إنه كائن مفكر ذكي قادر على الإستدلال ، قادر على العودة إلى ذاته

- الذات هي نفسه باعتبارها وحدة في الزمان والمكان

- الإحساس لا ينفصل عن التفكير لأنه أساس كل عملية التفكير

- المعرفة تقترن دائما وأبدا بالأحاسيس يكون الوعي مرافقا للفكر

- كل المؤشرات الأولية : إدراك ، إحساس ، وعي ، فكر ، تجعل من الممكن التمييز بين الأنا والأشياء المفكرة الأخرى

- هذه المؤشرات نفسها تجسد الهوية الشخصية

- وتمتد هذه الهوية بامتداد الفكر والأفعال أي الذات الموجودة الآن هي نفسها التي كانت في الماضي

بنية النص تقريري اتبع أسلوب الإثبات والنقد

المنهج عقلي تجريبي

المفاهيم الأنا الشخص المفرد

الانطباعات

يعالج ديكارت مسألة الهوية انطلاقا من الذات المفكرة ، فالوعي بالذات هو أحد مقومات هوية الشخص ، وهذا الشخص هو شيء يفكر ويحلل وينفي ويثبت .. فخاصية التفكير جوهر الذات العاقلة ومن خلالها بدأ يدرك أي شخص هو إنه نفسه الشخص الذي يفكر ويشك وكأن الهوية هي مجرد إدراك عقلي لذات مفكرة . لعل الكوجيطو الديكارتي كان أكثر جرأة حين حطم كل البداهات وأسس نموذجا عقليا جديدا خالصا بدونه لايمكن الوصول إلى الحقيقة ؛ لكن هل يمكن اختزال الهوية في مجرد ذات عاقلة ؟ وكان مصدر الوجود والهوية العقل فقط؟

إذا كان ديكارت جرد الوجود من خصوصيته المادية فإن لوك أحد رواد الفلسفة التجريبية اعتبر أن العقل الخالص لا يمثل الجوهر لأنه مجرد صفحة بيضاء يكتسب المعطيات من خلال فعل التجربة . فالشخص في نظره كائن مفكر ذكي قادر على العودة إلى الذات وتكون الحواس الوسيلة العملية لربط معطيات الواقع ورفعها إلى العقل .وهكذا فكل المؤشرات تجعل من الممكن التمييز بين الأشياء والأنا وهذه المؤشرات ذاتها تجسد الهوية الشخصية وتمتد عبر الزمان والمكان .

ب- الشخص بوصفه قيمة,

مالذي يؤسس البعد القيمي للشخص ؟

راولز : انفتاحه على الآخرين والالتزام بمبادئ الأخلاق

كانط : عقل عملي أخلاقي

اين تتجلى القيمة الأساسية للشخص ؟

للشخص قسمة عليا لأنه موجود داخل نظام للتعاون المنصف يلعب فيه دور بصفته عضو اجتماعي

التعاون المنصف

يحقق الشخص في هذا النظام قاعدة الحق والواجب كمواطن

تتجلى حرية الأفراد في كفاءتهم الأخلاقية والعقلية

يتحقق هذا الالتزام من خلال إقامة علاقات مع أشخاص آخرين وكذا الالتزام إزاء الجماعة والهيئات

هنا تتجلى القيمة الأساسية للشخص المبنية على العدالة داخل نظام منصف

بنية النص : تقريري نقدي وصفي

المنهج : عقلي تركيبي

المفاهيم : العدالة ، المجتمع ، الأخلاق ، التعاون ، الهيئات ، الجماعات العلاقات ،المنصف

يرفض ديكارت الوضع البيولوجي للإنسان لأنه يمنحه قيمة مبتذلة

لكن بفضل ملكة العقل استطاع أن يسمو عن باقي الكائنات الحية

قيمة الشخص تتحدد في كونه ذاتا لعقل أخلاقي عملي وهذه القيمة ما يجعله يتجاوز كل سعر

إنه يمتلك كرامة تقتضي الاحترام على قاعدة المساواة

إذن إنسانية الإنسان تجعله محط احترام وتقدير تستوجب ممارسة واجباته

وعيه بالخاصية السامية لتكوينه الأخلاقي يدخله مجال الفضيلة

الإنسان غاية في ذاته وليس وسيلة

الواجب الأخلاقي يفرض علينا دوما معاملة الإنسان كغاية

بنية النص : استدلالي ، حجاجي

المنهج : عقلي تأملي

المفاهيم : الكرامة ، ملكة الفهم ، العقل ، الأخلاق ، المساواة ، الفضيلة

نستخلص من النصين أن هناك تباين بين موقفين حول الشخص بوصفه قيمة ، فالشخص غاية في حد ذاته على حد تعبير كانط وهي التي جعلت منه كائنا أخلاقيا يتميز بالحرية والإرادة والكرامة والتي تستوجب الاحترام يقول كانط ( عندما نعتبره كشخص ، أي كذات لعقل أخلاقي عملي ، سنجده يتجاوز كل سعر ) إنه فرد تجثم في داخله الإنسانية التي تستوجب

التقدير والاحترام على قاعدة المساواة ؛ من هذا المنطلق يرى كانط أن قيمة الشخص تتجاوز كل سعر لأنه يملك كرامة نظرا لتكوينه الأخلاقي ؛ لكن خاصية العقل لوحدها كما تصور ذلك كانط غير كافية لتبرير القيمة المتأصلة في الشخص ، إن كانط لم يعالج المسألة في بعدها الواقعي بقدر ما حددها في بعدها الميتافيزيقي من منظور ذاتي للعقل للشخص للهوية فالشخص الأخلاقي لا يمكن أن يتحقق من خلال العزلة الذاتية .

في حين عمل راولز على بناء تصور أكثر واقعية حين أعتبر الشخص عضو داخل مجتمع قائم على نظام التعاون والعدالة الاجتماعية ، وهذه الوضعية هي التي تمنح الشخص قيمة متميزة ، فالشخص ليس معطى وهمي إنها واقع يجب عليه الانفتاح على الغير من أجل التعاون وذلك بالالتزام بمبادئ الأخلاق .

إن عضوية الشخص الاجتماعية هي التي جعلت منه شخصا حرا بفضل كفاءته وقدرته على التعاون وهنا تتجلى قيمته الإنسانية من خلال حبه للعدالة والخير .

إن جوهر القضية ( قيمة الشخص ) تدور في الواقع حول مبدأ المسؤولية والواجب ، الحق والواجب ، وهذا يحيلنا على مفهوم الحرية والعدالة .

ج- الشخص بين الضرورة والحرية

وجود الشخص ليس حالة جامدة يسهل ضبطها أو اختزالها في مجرد انفعالات سلوكية أو علاقات اجتماعية أو بنية ثقافية ؛ إنه كل يتميز بالقدرة على التلفظ وخلق عوالم رمزية خاصة به . ومع ذلك يخضع الشخص لجملة من المؤثرات الذاتية والموضوعية ؛ لهذا ينظر إليه باعتباره بنية يتم التحكم فيها من خلال جملة من القواعد والقيم والقوانين التي تمارس عليه فعلها وتلزمه بالامتثال ، ولقد أشرنا في درس اللغة كيف يدخل الفرد ضمن نظام من العلاقات بمجرد ما يبدأ ممارسة فعل اللسان ، ونفس الشيء يجد الشخص نفسه رهين القوانين الاقتصادية الخارجة عن إرادته مثال قانون العرض والطلب .

فرويد : الضرورة النفسية (سيكولوجية)

اسبينوزا: وهم الحرية

موني : الشخص حر

يعتمد النص التحليل النفسي الذي يبرز من خلاله تحكم اللاشعور في الوعي

تعيش الشخصية حالة من التوتر بين الأنا والأنا الأعلى والهو

يقوم الأنا بدور الوسيط بين مبدأ اللذة ومبدأ الواقع

يعيش الشخص حالة من التوتر نتيجة نعارض الهو مع الأنا الأعلى

ينتهي فرويد إلى نتيجة هو أن الشخص يعيش تحت رحمة الهو والواقع وبالتالي ليس حرا

أي أن الضرورة البيولوجية تتحكم فيه

بنية النص : تحليلي ، تفسيري

المهج : التحليل النفسي ( تحليلي)

المفاهيم : الأنا ، الهو ، الأنا الأعلى ،

ليس هناك حرية لأن الإنسان مجبر على الامتثال إلى الطبيعة

الفعل الإنساني رهين الضرورة الطبيعية

صعوبة التحكم في الشهوات

فالرغبة الجامحة نحو الأشياء تجعلنا عبيدا لتلك الأشياء

إن الاعتقاد بأن الناس أحرارا لمجرد وعيهم بأفعالهم وهم

لأنهم يجهلون الأسباب والعلل

يرى سبينوزا أن أوامر النفس لا معنى لها خارج الشهوات

وما يؤكد فرضيته هو حالة السكير ، والطفل الذين يظنان بأنهما يتحركان بإرادة حرة

الشخص يعيش تحت وطأة الرغبات الطبيعية = الضرورة

بنية النص : المقارنة الوصف النقد

المنهج : عقلي تأملي

المفاهيم : الوعي ، الحرية ، الأسباب ، الرغبات ، أفعال حرة ، الشهوات ،

اين تتجلى حرية الشخص ؟ في قدرته على

تقرير مصيره

اندماج الشخص ضمن الجماعة يضمن له حرية تحقيق أماله وميوله

حرية الفرد رهينة بحرية الجميع للأسباب التالي : * الفرد ليس وسيلة

*لا وجود لحدث لا شخصي كل شيء شخصي

* لا يمكن اعتبار الأشخاص كأشياء

* مهمة المجتمع أن يضمن حرية الأشخاص من خلال تربية اقتراحية وليست نمطية

النتيجة الشخص هو الذي يقرر مصيره لأنه ينتمي إلى الجماعة

بنية النص : تقريري وصفي نقدي

المنهج : تركيبي نقدي

المفاهيم : الشخص ، اللاشخصي ، الجماعة ، القانون ، البنية الاجتماعية الحرية الروحية ، الميول

يعتقد سبينوزا بان الحرية بالصورة المطلقة وهم لأن الأشخاص يجهلون الأسباب ، فالفعل الإنساني مجرد امتثال للضرورة التي تفرضها الطبيعة ،والذي يظن بأنه حر لمجرد أنه يعي ما يفعل يكون واهم لأنه يجهل الأسباب المتحكمة في الفعل . إذن الشخص حسب اعتقاده يعيش تحت وطأة الشهوات ، أي أن أوامر النفس لا معنى لها خارج الرغبات .إن هذا الاعتقاد يجرد الإنسان من قيمته الإبداعية . في مقابل هذا التصور نجد موني يركز على البعد الحر في الشخص باعتباره كائنا يعيش داخل الجماعة التي تضمن له حرية التصرف . وبانتمائه للجماعة يصبح أكثر قدرة على تقرير مصيره .

بينما يعطي فرويد لمفهوم الضرورة بعدا سيكولوجيا (نفسي) يكون للاشعور (الهو) دورا في تحديد الوعي ، وهكذا يعش حالة من التوثر بين الأنا الأعلى والهو يلعب الأنا دور الوسيط لتحقيق التوازن .

إن الإنسان أبعد من يوضع في خانة التصور التبسيطي الذي يجعل من الضرورة عنصرا متحكما في الشخص ، كما لا يمكن اعتبار الحرية المطلقة المحدد للشخص ؛ إن الإنسان يتأرجح بين الفعل الحر والفعل المشروط بالضرورة ، والوعي بهذا الواقع يعني ا، الإنسان يخطو بثبات نحو خلق هامش من الحرية مثال الفنان .

- الغيــــــــــــــــــــــــــر

ليس الإنسان من حيث هو شخص مجرد فرد معزولا ، إنه أنا تعيش إلى جانب الآخرين ، وهو في حاجة إليهم والعكس صحيح وتمثل الجماعة المكان الملائم له ؛ لكن هذا التعايش يطرح عدة إشكالات ذاتية وموضوعية . إشكالات تتعلق بالغير المخالف أو المشابه لأناه. لأن هذا الغير هو أنا أخرى قائمة بذاتها تمثل شخصا متفردا ومتميزا . وهو في حاجة إلى الاعتراف المتبادل لأن له وللغير نفس الكيان والحقوق والواجبات ؛ إنه إقرار بوجود أنا أخرى مشابهة مادام يشابهها في كثير من الصفات العامة ( الفيزيولوجية ، النفسية ، السلوكية ،...) لكنه مخالف حين يتعلق الأمر بالمؤهلات والاختيارات والرغبات والمواقف ...

ما يمكن معرفته بصورة مباشرة هو الأنا المباشرة ، أم الآخر الغير فيصعب علي تحديده أو إدراكه بصورة مباشرة لأن هذا الغير يملك من الإمكانيات على التلفظ والترميز والتخفي تجعل معرفته صعبة للغاية .

فكيف يمكن معرفة الغير دون أن افقده خصوصيته ؟ هل معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل معه ؟ ألا يؤدي التواصل إلى فقدان أحد الأطراف حريته بل وتلقائيته ؟ هل يعتبر الاختلاف الثقافي والحضاري من بين الحواجز التي تحول دون معرفة الغير ؟ ألا يعتبر التواصل والحوار وسيلة لإزالة الحواجز بين الأنا والغير للقضاء على العنف والعنصرية؟

أ‌- وجود الغير

أسست الفلسفة اليونانية مفهوم الغير على مبدأ الهوية (أرسطو) ، بحيث أن كل شئ مطابق لذاته ويكون بالقياس إلى غيره مختلف عنه ، وينتهي هذا إلى التناقض عند تقابل ألهو هو بالآخر كتقابل الوجود بالعدم أو تقابل المعاني مثل مادي لامادي حقيقي لاحقيقي ..... إن لكل شئ ضده .هذا التصور لم يتجاوز الوعي الميتافيزيقي بالذات وبالغير كوجود ، ( النظرة الانطلوجية للذات وللغير ) لهذا لم يشكل الغير في الفلسفة اليونانية مشكلا ابستيمولوجيا إلا مع الفلسفة الحديثة .

مع الفلسفة الحديثة اتخذ مفهوم الغير معنى آخر أكثر اتساعا مما كان عليه في القديم ، مع ديكارت استبعد الغير كوجود وركز على الوعي الذاتي داخل الخطاطة الثنائية وعي \جسد . أما هيغل فالوعي بالذات يتم من خلال العلاقة المابين الشخصين .

لقد أكد ديكارت من خلال تجربة الكوجيطو أن الأنا وحده موجود ، وهذه هي الخلاصة الأولية اليقينية التي توصل إليها خلال عزلته الوجودية التي استبعد فيها كل شئ حتى الغير ، لأن هذا الأخير يوضع في مصاف الأشياء الخارجة عن ذاتي ، لهذا اشترط ديكارت البداهة والوضوح العقلي كشكلين ضروريين للوصول إلى الحقيقة ، ومادام كل شئ يحيط به الشك فقط شئ واحد لا يتسرب إليه الشك هو أنا أفكر . وأي معرفة على الخارج تتم من خلال التفكير نستدل عليها بالعقل.

وهكذا بالنسبة للغير الذي وجوده في نظر ديكارت وجود افتراضي فقط ، يقول ديكارت إننا على عجز تام لتأكيد وجود الغير ، فقط بواسطة التفكير والفهم واللغة نستدل على وجود الغير ويتم هذا بالمماثلة . إذن الشيء الوحيد الذي هو متأكد من وجوده هو الأنا الفردي أو الوحدي Solipsisme .

في مقابل هذا التصور المفرط في الذاتية ؛ نجد هيغل يؤسس فلسفة للوعي يحتل فيها الغير موقعا مركزيا ، فالوعي ليس وعيا ميتافيزيقيا انه وعي ينمو ويتطور عبر الصراع من اجل الاعتراف .أي أن الوعي في تكونه يواجه وعيا آخر وخلال هذه المواجهة تنشأ العلاقة الإنسانية التي تتميز بالصراع مثال علاقة السيد بالعبد . تتميز العلاقة بين الوعيين بنوع من المجازفة لان كلاهما يسعى إلى سحب الاعتراف بالأنا غايته في ذلك الحفاظ على الحياة . إذن الغير في نظر هيغل شرط ضروري للوعي بالذات ، يقول هيغل يتعلم وعي الذات في هذه التجربة أن الحياة هي بالنسبة إليه جوهر مثل وعي الذات .

إن العزلة الوجودية أفضت بديكارت إلى إقصاء وجود الغير كذات ؛ في حين الصراع القائم بين الذوات هو دليل على وجود الغير . أي أن الوعي بالذات يقتضي الوعي بوجود الغير.

سارتر : وجود الغير كأنا منفصل عن أناي ضرورة للوعي بالذات

ميرلو بونتي : وجود الغير بصورة مستقلة ولا يمثل موضوعا أو شيئا

أهمية وجود الغير بالنسبة للذات ؟

بدأ سارتر بشرح ظاهرة الخجل التي حالة ذاتية اتجاه شخص ما

موقف الذات من الآخر . الذي أصبح يمثل دور الوسيط بين أنا والنفس .

الخجل هو خجل من النفس من حيث تتبدى للآخر

ظهور الغير شكل فرصة للحكم على نفسي لأني أصبحت أقوم سلوكي من حيث يراني الآخرون

سرعان ما تحولني نظرة الآخر إلى موضوع والعكس صحيح

الخجل هو خجل من الذات أمام الغير .

حاجة الذات الى الغير لأدراك بنية الوجود ككل .

العلاقة مع الغير تتخذ بعدا معرفيا ووجوديا فهو إذن شرط لوجودي ولا غنى لي عنه لمعرفة ذاتي .

بنية النص : عرض ، تفسيري ، تقريري

المنهج : تأملي عقلي

المفاهيم : الخجل ، الشعور ، الوجود ، الغير ، النفس ، الذات

هل وجود الغير مسالأة بسيطة بالنسبة للفكر الموضوعي

يميز ميلولوبنتي بين الجسد والوعي

الجسد يمثل البعد المادي وهو شبيه لغيره

أما الوعي فهو الي يمثل الحقيقة وهو متفرد مستقل ولايمكن معرفته بصورة مباشرة

هناك وجودان : *الوجود في ذاته ويخص الأشياء منها الجسد

*الوجود لذاته ويخص الوعي وهو متفرد

الغير هو وجود لذاته مثلما هو وجود الأنا لذاته وهذا يخص الوعي

الغير أمام الأنا هو وجود في ذاته ومن أجل ذاته ولمعرفته ينبغي تمييزه عني أي أن أضعه في مصاف الأشياء

وأن أفكر فيه كوعي

رغم محاولتي التفكير في هذا الغير فإنه من الصعوبة ما كان النفاذ اليه أي أنه ليس موضوعا أو شيء

بنية النص : تحليل ، نقد ، تفسير ، استنتاجي

المنهج : بنيوي ، نقدي

المفاهيم : وعي خالص ، بنية ، الوجود لذاته والوجود في ذاته

يعتبر سارتر الوجود الإنساني سابق على الماهية وأن الحرية شرط هذا الوجود ، فالأنا في التصور الوجودي هو أنا في مواجهة نظرة الغير كوجود لا تحكمها علاقة نفي كما هو الشأن مع ديكارت ولا علاقة عبودية كما تصور ذلك هيغل بل تتميز بالاعتراف المتبادل يغيب فيها عنصر الإلغاء لأن شرط وجود الأنا والغير الحرية لهذا اعتبر سارتر الوجود الإنساني مشروع . و تظهر ضرورة الآخر بالنسبة لأنا للوعي بوجود الغير . مع ميرلوينتي يدخل الأنا مع الغير في علاقة الاعتراف المتبادل مع الحفاظ على فردية كل واحد منهما كما لا يمكنني النفاد إلى عمق هذا الغير لأنه أنا قائمة بذاتها .

ب – معرفة الغير

هل من الممكن تحويل الغير إلى موضوع للمعرفة ؟ هل معرفة الغير ممكنة ؟

سارتر : معرفة الغير غير ممكنة لأنها تحوله إلى شيء ( مجرد انطباع)

ميرلوبنتي : معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل

مالبرانش: معرفة الغير غير ممكنة مجرد تخمبن أو افتراض

هل معرفة الغير ممكنة ؟

الغير مغاير لذاتي إنه أنا أخرى

إدراك الغير اختباري من حيث هو جسم في ذاته

الشيء الذي يفصل بين الجسمية هو العلاقة الشيئية بينهما

لا يوجد أي رابط بينهما سوى على مستوى إنهما شيئين مختلفين قائمين بذاتهما

النتيجة التي وصل إليها هي أن الآخر غير ضروري لوجودي

وإدراكه يتم باعتباره موضوع لمعرفتي فقط

وكل ما أكونه عنه هو مجرد انطباع فقط

لأني الأنا هي التي تكون هذا الغير ضمن حقل التجربة وبالتالي إلا صورة ذهنية .

بنية النص : عرض ، تفسيري ، تقريري

المنهج : تأملي عقلي

المفاهيم : انطباع ، الذات ، أنا لست أنا ، امبريقي ، حقل التجربة ، صورة ذهنية

ما هي الصورة التي أدرك عليها الغير

كسلوك

التجربة الداخلية من الغير الممكن إدراكها

من الصعب إدراك حالة الغير النفسية لأنها حالة خاصة كل ما أدركه هو التمظهرات الجسدية

الوضعيات التي يكون عليها كل من الأنا والغير غير متشابهة

الأنا تستحضر حالة ما وتشارك الغير مثلا حزنه

فالحزن هو وضعية تعيها الأنا بمفردها

خلاصة القول هو أن الأنا والغير يعيشان وضعية متناقضة أو مخالفة من خلالها يحاولان بناء وضعية مشتركة للتواصل فقط

بنية النص : تحليل ، نقد ، تفسير ، مقارنة ،

المنهج : بنيوي ، تحليلي

المفاهيم : وضعية ، التواصل ، السلوك ، التصرفات ، الوعي ، الجسد

معرفة الغير مجرد معرفة افتراضية

لأنها تختلف عنا فمن غير الممكن معرفتها عن طريق الوعي

لهذا المعرفة هي مجرد افتراض ليس إلا

من المخطئ الحكم على الآخرين من خلال ذاتي

لأن أناي تخضع للأهواء

لهذا معرفتنا بالآخرين غالبا ما تكون خاطئة

لأنها ليست معرفة موضوعية بقدر ماتكون ذاتي تلعب دروا في إصدار الحكم

بنية النص : تفسيري ، برهاني ، استدلالي ، حجاجي ، المقارنة

المنهج : عقلي ، مقارن

المفاهيم : افتراض ، نفوس ، الخطأ،الحكم ، الأهواء ، الأحاسيس





إن أي محاولة لإخضاع الغير إلى نشاط التفكير تعني تجريده من الذات والوعي والحرية أي تجميده ؛ وهنا تبدأ الإشكالية ، لأنه يفقد خصوصيته ومقوماته كوعي وكحركة وكإرادة وبالتالي يستحيل معها التواصل لأن الأنا قام بتشيئ الغير وجمد فاعليته .

يقوم سارتر بالفصل بين الأنا والغير ويحدده في الصراع القائم أولا بين الجسم والذات ؛ وثانيا بين أنا وأنا أخرى ، فسارتر يدرك الأنا الأخرى إدراكا امبريقيا انه إدراك للجسم ، أي أن إدراك الغير تتم عبر الجسم ؛ وبهذا الشكل تنفصل الذوات عن بعضها البعض ولا تؤثر في كينونتها على بعضها البعض ؛ أي أن وجود واحدة لا يتوقف على وجود الأخرى يقول سارتر فانه لما كان لا يمكن للغير أن يؤثر في كينونتي بكينونته ، فان الكيفية الوحيدة التي يمكن أن ينكشف لي بها هي أن يتجلى لمعرفتي كموضوع . أي أن الأنا هو الذي يكون صورة ذهنية للغير ضمن حقل التجربة . وضمن هذا الحقل تنشأ العلاقة بين الأنا والغير وبمجرد ما يدخل حقل نظرتي حتى أجمده وأحوله إلى شئ ، ونفس الشيء نظرة الآخر تقيدني وتحد من حريتي وتشل تلقائيتي ، وتصبح معرفة الغير مجرد انطباع لا أقل ولا أكثر . إن سارتر اهتم بمعرفة الغير من موقع العقل القائم على مبدأ الحكم والاستدلال لهذا يقول إني أرى و أقيم حسب ما أعتقد بأن الآخرين يرونني ويحكمون علي وهنا اشعر بخيبة الأمل ؛ويزداد الجحيم كلما كانت علاقتي بالآخرين فاسدة وملتوية الجحيم هم الآخرون

هذا التصور سيتم تجاوزه مع النظرة الفينومونولوجية للغير ؛ يرى ميرلوبنتى بأن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع ، كما لا تحوله نظرتي إلى موضوع . لأن الغير عكس ما تصوره سارتر انه ذاتا تنفعل لها سلوك Comportement فالغير حالة خاصة لها حياتها يمكن من خلال الصداقة أن أشاركه مثلا الحزن . فالصورة التي أعطاها سارتر للغير باعتباره جحيما تزول بمجرد ما ينطق هذا الغير بكلمة ؛ أي بمجرد ما تدخل الذات في تواصل مع الغير تتحطم فكرة التعالي عن الأنا الآخر .

لكن هذا الغير ليس مجرد سلوك أو تصرفات يكفي أن نتواصل معه لمعرفته ؛ لأن هناك باطنا نفسيا خاصا بها لايمكن النفاذ إليه ، مثلا لا أستطيع أن أشارك الغير أحزانه مهما بذلت من مجهود كل ما أقوم به هو التعبير عن شعوري بالثأتر ؛ فالحياة النفسية للغير حياة خاصة تبدو مستحيلة عن الأنا ، وهذا ما ستعمل على إنجازه مدرسة التحليل النفسي مع فرويد ، فالغير أحيانا يكون وسيطا ضروريا لبلوغ أعماق اللاشعور مثال المحلل النفسي .

نلاحظ بأن هناك اختلاف حول السبل التي تؤدي إلى معرفة الغير ؛ لهذا يقترح دولوز تصورا مغايرا إذ يرى في الغير بنية ونظام من التفاعلات بين الذوات . فعندما تدرك الذات شيئا ما تدركه من خلال الغير ، لأن هذا الغير بمجرد ما يتكلم يضفي على الممكنات شيئا من الواقعية . إن الغير هو الوجود الممكن المغلف . واللغة هي واقع الممكن من حيث هو ممكن ، والأنا هو بسط وتفتيح للممكنات ... فان الغير بوصفه بنية هو تعبير عن عالم ممكن ، انه هو الشيء المعبر عنه مدركا بوصفه لم يوجد بعد خارج ما يعبر عنه .

خلاصة القول تعترضنا صعوبات عدة عند محاولة إخضاع الغير للمعرفة ، تتعلق من ناحية بطبيعة الموضوع الذي يتميز بالحركية والفعل والقدرة على الترميز ، ومن ناحية أخرى بأي المناهج يمكننا إجراء مقاربة موضوعية ، وهل الموضوع يقبل الموضوعية ؟

ج- العلاقة بالغير

تتعدد أوجه العلاقة بالغير وتتخذ أبعادا مختلفة بين الابن والأب ، والأم ، والأخ ، عشيقين ، بين خصم ومنافسه ، بين المعلم والتلميذ بين الضحية والجلاد ...هذه العلاقة لا تتوقف عن التغير وتأخذ أشكالا متنوعة إن لم تكن متناقضة ، إنها التعبير الواضح عن طبيعة الوضع البشري . الذي اتخذ صيغا مختلفة مثال الجحيم هم الآخرون سارتر ؛ إن أكبر عقاب لي هو أن أكون وحدي في الجنة مالبرانش...

يقيم الناس فيما بينهم أشكالا من العلاقات المختلفة ويستعملون الكثير من أدوات التواصل ويتصرفون حسب الوضع الذي يكونون عليه . ويكشف لنا هذا الوضع عن تعقد العلاقة التي تمتد إلى الأنانية المفرطة أو الإيثار المفرط . وتنجلي هذه العلاقة في شكل تمظهرات مختلفة : الحب الكراهية الصداقة العداوة التعصب التسامح .. وهذا يحيلنا على صورتين للعلاقة مع الغير فهو إما صديق أو غريب .

هيدجر:علاقة اشتراك مع الغير

كريستيفا : الكشف عن الغريب الذي فينا

ميرلوبنتي: ممكن مد جسور التواصل مع الغير

ما طبيعة العلاقة مع الغير ؟

ما يحد طبيعة العلاقة هو الوجود المشترك

لهذا الوجود هو من أجل العالم المشترك مع الغير

العلاقة لا تحددها نظرة الذوات لبعضها لبعض

الآخرون يلتقون لأنهم يوجدون في عالم مشترك عالم حيوي

العلاقة هي علاقة انشغال إنها تجربة مع الآخرين

بنية النص : تفسيري ، حجاجي ، عرض ، نقد

المنهج : عقلي ـالملي

المفاهيم : الوجود ، التجاور الآنطلوجي ، الوجود مع الغير ، اشتراك بين الذوات ، الانشغال

ليس الغريب هو ذلك الآخر بالمعنى الواسع

الغريب يسكننا إنه القوية الخفية لهويتنا

الغريب ينشأ عندما يتكون لدي وعي بالاختلاف وندرك بأننا غرباء في ذات الوقت

فكرة الغريب لها دلالة حقوقية بالقياس إلى مفهوم المواطنة

الغريب ليس هو ذلك المخالف لنا بل هو يجثم فينا

نظرة الغير لا تحولني إلى شيء كما لا تحوله نظرتي إلى شيء إلا إذا انسحب كل واحد منا وانغلق على نفسه

إن النظرة اللاإنسانية لبعضنا البعض هي التي تحولنا إلى مواضيع

لكن التواصل بين الأنا والغير يجعل العلاقة ممكنة

لا يبقى الآخر مجهولا بالنسبة لي إلا إذا ظل منغلقا على ذاته صامت

ولكن بمجرد ما ينطق حتى يبدأ بالكف عن التعالي والإعلان عن وجوده

بنية النص : تحليل ، حجاج ، استدلال ،

المنهج : تحليل ، نقدي ظاهراني

المفاهيم : التواصل ، الحوار ، الغير ، لا إنساني ،

يدل مفهوم الغريب على كل من ليس أنا ؛ بمعنى أنا أخرى مخالفا لي ثقافيا وعرقيا ودينيا أي كل ما هو مخالف لهويتي ويصبح مبدأ المواطنة في بعده الحقوقي أساسا لتحديد من هو الغريب ؛ لكن كريستيفا تعتبر هذا التحديد سطحيا لأنه يشير إلى ما هو مرتبط بالهوية إلي حالة منغلقة على ذاتها تقصي كل من ليس منها ؛ بينما واقع الأمر أننا نحمل في ذواتنا حالة من الغربة غالبا ما نغض الطرف عنها ومن هذا المنطلق ينشأ شعور فردي أو جمعي يدفع الأنا إلى إقصاء الغير بل والعمل على القضاء عليه ويغذي هذا الشعور وسائل الإعلام بتذويب التناقضات لصالح الأنا الفردية أو الجماعية ؛ وهكذا تكون أسطورة التفوق العرقي أو الثقافي أو القومي حالات مدمرة تلغي الآخر وتجعل مثل هذه الشعوب تكرر مأساتها وتعيش وهم التاريخ وهم التفوق وهم الشعب المختار .يقول كيوم لم تعد ثمة مواجهة رمزية تنظمها الديانة أو الطقوس أو المحرمات ، إننا أصبحنا نعيش وهم الآخر.

ينبغي أن ندرك أن الغير ضروري للأنا لأنه ينعش الفكر يقومه ، وهذا يتطلب وعي بالذات والمطالبة بقاعدة من قواعد اللعب كحد أدنى لكي يتاح لكل واحد ، في نهاية التحليل ، أن يفكر فيما يريد . أي أن العلاقة هي علاقة انشغال تجربة مع الآخرين على حد تعبير هيدجر. كما يلعب التواصل والحوار عنصرا ايجابيا في هدم تلك الهوة القائمة بين الأنا والغير .

إن الموقف الذي يجب اتخاذه من الغريب ليس هو موقف الإقصاء لأن هذا الغير هو إنسان قبل كل شيء وهو عنصر ثقافي لهذا لابد من فسح المجال للحوار والتسامح والاحترام والحق في الاختلاف حتى نضمن حدا أدنى من التعايش ضمن الحفاظ على استقلالية الأنا والغير .

المعرفــــــــــــــــــــــــة

شكلت المعرفة بمعناها الواسع موضوعا للبحث والدراسة مند القدم خاصة وأنها تمثل شكلا من أشكال الثقافة وعنصرا من عناصر الفاعلية البشرية فهي مرتبطة بالفعل الإنساني ومشروطة بقوانين التطور الاجتماعي والاقتصادي والمعرفي . ويكتسب الإنسان في عملية المعرفة جملة من المفاهيم الخاصة والمبادئ التي يستعملها في نشاطه العملي والعلمي من أجل فهم الطبيعة والإنسان .

المعرفة هي تعبير واضح على تحرر الذات من الطبيعة وتحويلها موضوعا للمعرفة ، وهي نتيجة للعلاقة الجدلية بين الذات العارفة والموضوع الخارجي ، وكل هذا ما كان ليتحقق لو لم تتوفر الشروط التالية :

- ذات عارفة - موضوع تنصب عليه المعرفة - امتلاك الأدوات المعرفية

لم تعد المعرفة تكتفي بالملاحظة المدققة للواقع التجريبي ، بل أصبحت البنية العقلية تلعب دورا كبيرا في بناء المعارف وقد يكون للخيال العلمي والصدفة دورا في تطورها . لعل التغيرات الفكرية والواقعية والانتصارات العلمية التي حدثت غيرت السؤال المطروح حول المعرفة وأصبح المطلوب هو مدى صلاحية المعارف وقابليتها للتحقق ، وهذا ما حققته ابستيمولوجية القرن 20 التي توجهت إلى المعرفة بالنقد والتحليل مفاهيما ومبادءا ومناهجا لفك حالات الانحصار والجمود في العقل البشري .

ولم يقف طموح الإنسان عند هذا الحد بل تجاوزه إلى محاولة معرفة ذاته وتحويلها إلى مشروع للمعرفة العلمية مثال العلوم الإنسانية ؛

إن معرفة الواقع بكل أشكاله تتطلب الدقة والتنقيب حتى لا نسقط في الحقيقة المطلقة التي تؤدي إلى جمود العقل العلمي وهذا ما جعل الحقيقة المعرفية بمختلف أشكالها موضوعا إشكاليا بالدرجة الأولى من حيث المعايير المؤسسة لها و من حيث إمكانية تحقيق الموضوعية و من حيث قيمتها النظرية والمعرفية.

1- النظرية والتجريب

يقول دوهيم " الفكرة تفسر الظاهرة والظاهرة تبرر الفكرة " ، تنشأ الفكرة في مقابل الواقع المتنوع وبالانفصال عنه وتمكن من الكشف عن الأحداث التي تنفلت من التجربة المباشرة والآنية لأن الذكاء العلمي هو نتيجة انتقال العقل العلمي من التجربة الحسية إلى نظام مفاهيمي ؛ أي أن النظرية تعني المجموع المنظم والمتماسك الذي يدمج عددا كبيرا من الحوادث والقوانين حول بعض المبادئ ؛ أما التجريب فيعني الاختبار ، البحث، الدراسة إنه سؤال منهجي للظواهر لتحقق من فرضية أو عدة فرضيات ، باختصار النظرية هي محاولة تكوين صورة أو نموذج عقلي للواقع .وتعمل على اقتصاد المجهود الذهني وإضفاء النظام على القوانين . من هنا يمكن أن نتساءل عن علاقة النظرية بالتجربة .

أ‌- التجربة والتجريب

لا بد من التمييز بين التجربة الحسية أو الواقعية والتجريب العلمي ، في العلم التجربة تأخذ أبعادا خاصة ونقصد بها إجراءات البحث العلمي والمقصود مسائلة الظاهرة ولقد حدد كلود برناد خطوات المنهج التجريبي :

- الملاحظة العلمية : وهي مشاهدة الحوادث ومراقبتها وهي ليست ملاحظة عفوية بل موجهة وقصدية يلتزم فيها الملاحظ مبدأ الموضوعية

- الفرضية : وهي إجابة مؤقتة لتفسير الظاهرة من خلال استحضار كل الأسباب الممكنة لوقوعها ، وهي مشروع قانون ، ولصياغة الفرضية لا بد أن تكون نابعة من صلب الواقع ، وأن تكون قابلة للتحقق، خالية من التناقض

- التجريب : وهي إعادة بناء الظاهرة مخبريا ويتم التحكم فيها مما يتيح للباحث رؤية دقيقة للظاهرة مع إمكانية إعادتها إنها بتعبير آخر شكل من أشكال استنطاق الظاهرة .

- القانون : هو العلاقة الثابتة بين حادثتين أو أكثر مثلا الماء يتبخر في درجة حرارة 100 وفي ضغط جوي 76 . هنا العلاقة بين الحرارة والتبخر . هناك ثلاثة صور للقانون * التعبير على تركيب مثل الماء مكون من هيدروجين 2 أوكسجين * أو التعبير على ثوابت عديدة مثال سرعة الضوء هي 3.10 8 M/S * أو علاقة ثابتة مثال خصائص الكبريت أصفر يبقى أصفر في درجة حرارة 120

هذه هي خطوات المنهج التجريبي كما حددها كلود برنار. لكن هل جميع الحوادث قابلة للفحص وفق المنهج التجريبي ؟

إن واقع المادة تغير ولم تعد المادة في شكلها الماكرسكوبي ، بل أصبحت واقع متناهي الصغر ، وانتقلنا من عالم الكتلة إلى عالم الطاقة ؛ والانتقال إلى عالم الميكروفيزياء وعالم الفضاء والذرة خلق أزمة على مستوى المنهج وبالتالي ضرورة تغيير نظرتنا إلى العالم ، هذا يعني الانتقال من الفيزياء الميكانيكية مع نيوتن إلى فيزياء نسبية مع اينشتين وظهرت نظرية الكوانتوم مع ماكس بلانك وفتح كل هذا التغير أفاقا جديدة في العلم بعيدا عن الرؤية التجريبية الضيقة التي جعلت مهمة النظرية تقتصر على الوصف واستخلاص القانون . وتكون التجربة هي معيار صدق النظرية أو العكس ، وبالتالي يصبح العقل سجين التجربة مهمته تسجيل نتائجها . أما العقلانية الجديدة لم تحصر وظيفة النظرية في الوصف لأن الواقع المدروس غير قابل للوصف لصغره بل أصبح التجريب بناء عقلي ذهني إبداعي مجرد افتراضات مفتوحة على الممكن ؛ بهذا الشكل حلت النزعة الرمزية الرياضية محل النزعة التجريبية الحسية .

كويري :التجربة الخام عائق : التجريب يعني المسائلة المنهجية

رونيه توم : التجريب مرحلة أكثر تطور من التجربة

كلود برنار : خطوات المنهج التجريبي

يوضح كويري الفرق بين التجربة والتجريب

السمة الحسية للتجريب الكلاسيكي شكلت عائقا أمام تطور المعرفة

التجريب هو المسائلة المنهجية للطبيعة

العلم الكلاسيكي كان يساءل الطبيعة بلغة الرياضيات والهندسة وهذه اللغة لا تمليها التجربة

الموقف الذهني للعلم الكلاسيكي يتميز : *إضفاء الطابع الهندسي على المكان

*استبدال المكان المجرد للهندسة بالمكان الملموس

خلاصة القول يميز كويري بين التجربة في بعدها الحسي الخام والتي لم تساعد على تقدم المعرفة العلمية والتجريب الذهني الذي تخلص من العقل التقليدي في مسائلة الطبيعة

بنية النص : حجاجي استدلالي

المنهج : بنيوي تحليلي

المفاهيم : التجربة الخام ، التجريب ؛ المسائلة المنهجية ، لغة الرياضيات ، لغة الهندسة

ماهي شروط التجربة العلمية ؟

تمر التجربة من المراحل التالية :

  • إقامة المختبر
  • ملئه بالمواد الأولية
  • إحداث خلل في المنظومة المدروسة
  • تسجيل إجابات المنظومة

هذه الخطوات ترتبط بالملاحظة والتجريب

ننتقل من الملاحظة إلى التجريب الذي لا يتم إلا بإنجاز المراحل الأربعة

والتجريب لا يكتسي طابعه العلمي إلا بعد أن تتوفر فيه الشروط التالية :

- قابلية التجريب للإعادة

- تثير انتباه الباحث

في هذه الحالة يكون الهدف من التجريب التحقق من صدق الفرضية

الواقعة النظرية تهدف إلى إثبات أو تفنيد وجود كيانات نظرية

ينتقد النص التصور التقليدي للتجريب مع بايكون لأن التجريب وحده غير قادر على اكتشاف أسباب الظاهرة

لا يمكن للتجريب أن يكون علميا أو يستغني عن التفكير

علاقة التجريب بالنظرية علاقة اتصال

بنية النص : تقريري نقدي

المنهج : نقدي تحليلي

المفاهيم : المختبر ، المجال ، المنظومة ، الخطاطة ، النظرية

أهمية الفرضية في توجيه البحث

العالم الحقيقي هو الذي يهتم بالنظرية والتطبيق التجريبي

المراحل التي يمر منها البحث العلمي :

-الملاحظة

-تولد الفكرة في ذهنه

-بناء التجربة

-ملاحظة الظواهر الناتجة عنها

الملاحظ لا يستدل يلاحظ فقط ؛ الجرب يستدل بطريقة عقلانية

علاقة الملاحظة بالتجريب لأن الملاحظ هو نفسه المجرب

الفرضية هي فكرة متصورة ، والنظرية ليست سوى فكرة علمية مراقبة من طرف التجربة

بنية النص : تعليمي استنتاجي

المنهج : تجريب

المفاهيم : الفرضي ، الاستدلال ، التجريب ، الملاحظة ، المراقبة ،

لم تعد التجربة في شكلها التقليدي مواكبة للتطورات الحاصلة على مستوى التصور العلمي للواقع ، بقدر ما أضحت عائقا أمام أي اكتشاف لأنها ظلت رهينة الواقع الساكن الميكانيكي ، أما التجريب في نظر كوري فهو المساءلة المنهجية للطبيعة بهذا الشكل يميز كويري بين التجربة في صورتها الخام والتجريب المنظم . ونفس الشيء قام به توم الذي يرى بأن العلم الكلاسيكي يعتمد التكرار كأساس لبناء التجربة هدفها التحقق من صلاحية الفرضية اختباريا ، بينما التجريب المعاصر تجريب ذهني بالدرجة الأولى يبنى في العقل وهذا هو الشكل الإبداعي للتجريب المعاصر أنه تجريب مفتوح على الممكن .

إن هذا التصور المعاصر جاء منسجما مع التطورات المعرفية والتكنولوجية التي عرفتها البشرية ، التي أجبرت العقل على التحرر من النظرة الستاتيكية للمادة كما هو الشأن مع كلود برنار .

ب – العقلانية العلمية

لم يعد مجال للعقلانية المطلقة أو الواقعية المطلقة بل حل محلها نموذج جديد من العقلانية المطبقة يقول باشلار " هذه العقلانية الفعالة تتعارض مع الفلسفة التجريبية التي تنظر إلى الفكرة كما لو كانت تلخيصا للتجربة وذلك بالفصل بين

التجربة وكل قابليات التهيء " أصبحت عقلانية أكثر انفتاحا على الممكن . ترفض الصرامة المنطقية للعقلانية الديكارتية التي تعتبر العقل وحده مصدر المعرفة ، وترفض أن تكون المعرفة مجرد انعكاس للواقع الحسي كما تصور ذلك لوك

إنها عقلانية تقيم حوارا بين العقل والتجربة . تأخذ المعلومات وتحولها إلى برامج ومعادلات رياضية . عقلانية معاصرة تمثل رؤية جديدة تحاول استيعاب مظاهر جديدة ، انفتحت على التحولات التي وقعت في الرياضيات والهندسة الفراغية ، وأصبح المنهج الأكسيومي الموجه للبحث العلمي .

ج ب فرنان: نسبية وتاريخية العقل والعقلانية العلمية

م أركون : الأسس التي يقوم عليه العقل والعقلانية

ألمو: الفرق بين العقلانية الكلاسيكية والعقلانية المعاصرة

ماهي الأسس التي تقوم عليها النظريات المعاصرة ؟

يخضع العقل لشروط تاريخية تجعله يتحول بتحول شروط المعرفة

الإنتقال من العقل اللاهوتي الثابت المطلق إلى العقل العلمي المنفتح والنسبي

العقل في نظر المؤرخ هو أشكال من التفكير والإستدلال والبرهان

تتغير تقنايت العقل بتغير مجالات البحث

العقلانية المعاصرة أصبحت تستعمل لغة الرياضيات

العقل لا يمكن تصوره إلا داخل المنظومة التاريخية للمعرفة العلمية

لم يعد عقلا ثابتا مطلقا كما تصور ذلك العقلانيون الكلاسيكيون

بنية النص : تحليل حجاجي نقدي برهاني

المنهج : تحليلي عقلي

المفاهيم : العقل ، التاريخ ، العقلانية ،

ماذا حصل في القرن 16و 17 ؟

انعتاق العقل مع الحركة الإنسية من براثن العقل اللاهوتي القروسطي

ظهور عقلانية جديدة وذلك بالإنتقال من التفكير اللاهوتي المغلق إلى التفكير العقلاني المنفتح

بدأ العقل والعقلانية تأخذ معناها مع العقلانية الكلاسيكية

الآن تنتقل اوروبا من العقلانية الكلاسيكية القائمة على البداهة والمسلمات والمطلق إلى عقلانية أكثر انفتاحا

عقلانية نسبية نقدية

عقلانية تقوم بتصحيح مسار العقل باستمرار

عقلانية القروسطية : لاهوتية ثابتة

عقلانية الحديثة والكلاسيكية : يقينية مطلقة العقل ملكة فطرية

العقلانية المعصرة : نسبية نقدية تتقدم تصحح

بنية النص : تفسيرية حجاجي

المنهج : عقلي

المفاهيم : العقل ، العقلانية ، القروسطية ، نسبي نقدي ، لاهوتي

ماذا حدث على مستوى تطور المعرفة ؟

تركت العقلانية الديكارتية المطلقة المكان للعقلانية الكانطية النقدية

عقلانية ديكارت تنطلق من مبدأ العقل ملكة فطرية يكتفي بذاته مصدر كل المعارف

كانط تجاوز الجمود العقلاني الديكارتي وجعل من التجربة شرط بناء المعرفة

مع ديكارت قوانين الطبيعة مماثلة لقوانين العقل

مع كانط التجربة تفرض على الطبيعة قوانين العقل

المشترك بينهما هو المضمون العقلي القبلي

عند ديكارت البدا هات والأوليات

عند كانط مقولات أشكال قبلية

المعطى العقلي عندهما ثابت

العلم المعاصر عكس هذه التصورات يرفض المعطى القبلي

وليس العقل مجموعة من المبادئ

إنه قدرة على خلق وإبداع قواعد المعرفة

العقل المعاصر عقل نشيط وفعالية

بنية النص : وصفي تقريري

المنهج : عقلي

المفاهيم : العقلانية المطلقة ، العقلانية النقدية ، مضمون عقلي ، نشاط ، فعالية

ج- معايير علمية النظريات العلمية

لقد اعتقد العقلانيون القدماء بأن العقل هو معيار الحقيقة العلمية لهذا كان ديكارت يشترط البداهة والوضوح العقلي ، وأسس كانط موضوعية تجمع بين العقلي والحسي أما التجريبيون رؤوا بأن التجربة هي مصدر الحقيقة و النظرية ومجال التحقق من صلاحيتها ، هذا التصور بدأ مع علماء الفيزياء القدماء إلى الفيزياء الحديثة مع نيوتن ، لكن الوقائع المعرفية الجديدة أجبرت العقل على إعادة النظر في التصورات القديمة والحديثة ، لأن التجريدات العلمية الصحيحة كلها تعكس الطبيعة ، فمن التأمل الحسي إلى الفكر المجرد ومن الفكر المجرد إلى الممارسة العلمية ، ذلك هو مسار المعرفة العلمية كما لم يعد الواقع كما كان يدركه القدماء والكلاسيكيون واقعا مجسما أو جوهرا مطلقا بل أصبح أكثر تعقيدا وأكثر صغرا مما جعل المبادئ السابقة غير قادرة على استيعاب هذا الواقع وبالتالي لم يعد للقانون نفس الدقة والإطلاقية أصبح يحمل طابعا احتماليا .

فالنظريات العلمية المعاصرة أصبحت مجرد إنشاءات عقلية حرة قابلة لأن تتجدد إلى ما لا نهاية . أي أن تاريخ العلم أصبح تاريخ تصحيح أخطاء ( باشلار). وأن علمية النظرية تتحدد في قابليتها للتكذيب على حد قول بوبر .

انشتاين : لم يعد التجريب في شكله القديم صالحا لبناء النظرية

دوهيم: معيار صدق وصلاحية النظرية عدم تناقض الفرضيات مع النتائج

بوبر :معيار صدق النظرية هو مبدأ التزييف أو التكذيب

الحـــقــيــــقـــــــــــة

يقول بيير مايى إن أصل العجيب المدهش يكمن في ذلك

الصراع الذي يقيم تضادا بين رغبـــات

القلب والوسائل التي نملكها

شكلت المعرفة في كل أبعادها عنصرا من عناصر الفاعلية البشرية ، وأثناء الفعل الإنساني يكتسب الإنسان جملة من المفاهيم الخاصة والمبادئ التي يستعملها في نشاطه العلمي والعملي وتكون هذه المعارف بمثابة حقائق يؤسسها ويعتقد بقيمتها الواقعية والمعيارية ؛ إلا أن هذه الحقائق تعترضها إشكالات ابستيمولوجية تتعلق بالذات العارفة ، وبتغير شروط بناءها ، وهذا ما يجعل الحقيقة موضع تساؤل وبحث .

كيف يكون الخطاب الفلسفي أو العلمي أو الأخلاقي قادرا على تأسيس الحقيقة ؟ ولماذا تعتبر الحقيقة أساسية في العلاقات التي يقيمها الفرد مع الآخر؟ هل الحقيقة ذات طابع كوني ؟

إن الحقيقة لا تتجلى في مجرد نقل الواقع لكن في معالجته وحمله إلى مستوى العقل لتكوين حكم أو بناء معرفة ، وتختلف الحقيقة باختلاف مجالات الفكر والقول خاصة وأنها لا تظهر إلا معبر عنها مما يطرح مشكلة الحقيقة واللغة . وبالتالي اختلاف معايير بناءها .

و الحديث عن الحقيقة يثير إشكالات معرفية ومنهجية تتعلق بأي المعايير تؤسسها وتشحنها بصفة الواقعية والكونية ؟ ألم يقل ديكارت إن الحواس كثيرا ما توقعنا في الخطأ وأسس شكا منهجيا للعقل ! ألم يقل كانط إن معرفتنا لا ترتكز على الأشياء فقط بل بالعكـــــــــس الأشياء هي التي تتكيف مع المعرفة بخضوعها لمقولات الفهم ، وأسس نقدا للعقل !

إن العقل لا يبقى منغلقا بل تجبره العوائق والأزمات على الانفتاح وتجعل خط تطور المعرفة يتغير وتتغير معه الحقيقة لهذا نجــــــــد ابستيمولوجية القرن العشرين عوض أن تعرف الحقيقة بأنها مطابقة الفكر لذاته أو مطابقة الفكر للواقع تفضل القول ( إن تاريخ الحقيقة هو تاريخ خطأ يتم تصحيحه باستمرار ) باشلار.

إضافة إلى هذه الإشكالات تظهر مشاكل أخرى حين نستحضر القيم الإنسانية والتقاليد والمعتقدات ... إشكالات تتعلق بقيمة وطبيعة وصلاحية الحقيقة ؛ لأن البحث عن الحقيقة لا ينفصل عن الإكراهات الذاتية والفكرية والتاريخية " لافيل".

أ‌- الرأي والحقيقة

يقول باشلار " إن العلم في تطلعه إلى الكمال يتعارض مطلقا مع الرأي السائد . ذلك أن الرأي يسيء التفكير بل هو لا يفكر لأنه يعبر عن حاجات ظانا أنها معارف ومن هنا لزم تحطيمه منذ البدء لأنه العائق الأول الذي يجب تجاوزه "

الحقيقة ليست خاصية الأشياء و لا تنكشف من تلقاء نفسها ، بقدر ما هي حكم نطلقه عن علاقة موضوعية أو إدراك عقلي ، أي أن الحقيقة لا توجد خارج الفكر واللغة ولهذا فهي تتعدد بتعدد أنواع الخطاب والقول وبتعدد أشكال الإثبات والبناء مثال : الخطاب العلمي تقابله الحقيقة العلمية ، الخطاب الديني تقابله الحقيقة الدينية .... وما يكسب الحقيقة قوة هو أنها تنشأ داخل المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي الذي يمنحها شحنة وقوة ، وطبعا لكل مجتمع آلياته وهيئاته التي تسهر على التمييز بين المنطوقات الصحيحة والغيـــــــر الصحيحة . وهنا يكون للرأي دور في تشكل الحقيقة ؛ لقد أشار نيتشه إلى الدوافع التي تجعل الإنسان يميل إلى الوهم هو جنوحه إلى السلم ورغبته في تجنب الحرب " الخوف من الموت " وما يساعده على ذلك ما توفره له اللغة من إمكانات لا محدودة للإخفــــــاء والإضمار . لهذا اعتبرت الأحكام المسبقة عائقا أمام الحقيقة وكذلك الوهم الذي هو أخطر من الخطأ لصعوبة اكتشافه . يقول باشلار " إن العلم يمنعنا من تكوين رأي حول قضايا لا نفهمها ، وحول أسئلة لا نحسن صياغتها بوضوح ، إذ ينبغي قبل كل شيء أن نعرف كيف نطرح المشاكل ... فإن المشاكل لا تطرح تلقائيا " .

إن الاعتقاد بأن الرأي لا يؤهل إلى الحقيقة وارد في الفكر الفلسفي القديم والحديث والمعاصر ؛ فديكارت تخلى عن وهم الحواس ، وكانط جعل الواقع يتكيف مع مقولات الفهم ؛ يقول كانط " لا أستطيع أن أكون رأيا بالصدفة ما لم تكن لدي معرفة مبنية على حكم تربطه بالحقيقة صلة و لو كانت غير مكتملة ، فهذا شيء أكثر أهمية من تكوين وهم اعتباطي " فالقانون اليقيني في نظر كانط هو شرط لبناء الحقيقة وهو مسألة قبلية .

ما نستنتجه من هذه المقدمة أنه لا يكفي أن يمتلك الشخص رأيا لكي يبني الحقيقة ، لأن الحقيقة حسب رأي باشلار تبدأ بالقطع مع الانطباع والاعتقاد حيث يتيه تفكيرنا في الوهم .

كانط : اليقين شرط لبناء الحقيقة وهو مسألة قبلية الفارابي : بادئ الرأي عائق أمام الحقيقة

لا مجال للرأي بالنسبة للأحكام التي تصدر عن العقل بادئ الرأي يكون مشتركا بين الجميع : معرفة عامية

ليس هناك رأي من فراغ بل يتكون من معرفة قبلية بادئ الرأي يقابله الأسلوب الخطابي

الارتباط بين الرأي والحقيقة قائم على قانون يقيني المشترك والعام تقابله الطرق الخطابية والجدلية

والرأي البسيط ضرب من خيال بينما اليقين يحصل بالطرق البرهانية

" ليس هناك أي مجال للرأي بخصوص الأحكام التي تصدر بادئ الرأي معارض للمعرفة البرهانية مثل الفلسفة

عن العقل الخالص". والعلم

المعرفة لها طابع قبلي بادئ الرأي يحول دون الوصول إلى الحقيقة

علاقة الحكم بالحقيقة تقتضي الكونية والضرورة واليقين بنية النص : وصفي ، عرض

ففي مجال الرياضيات لا مكان للرأي .. المنهج : تأملي ، عقلي

الخلاصة : كانط يستبعد مفهوم الرأي البسيط لأنه ضرب من المفاهيم : بادئ الرأي ، الانطباع ، الخطابي ، الجدلي

الخيال ، وأن أي حكم يصدر عن العقل ، وميزة العقل أنه البرهاني ، الفحص

ملكة فطرية الخلاصة : بادئ الرأي مجرد انطباع لا يؤسس

بنية النص : عرض ، تفسيري ، المعرفة النظرية .

المنهج : عقلي ، تأملي

المفاهيم : الاعتقاد ، الرأي ، المعرفة ، الحكم ،

اليقين ، الكوني ، العقل الخالص

الحقيقة

خلاصة :

لقد تخلى ديكارت عن وهم الحواس ، وهاهو كانط يجعل من العقلي والحسي أساس بناء الحقيقة ، التي لا يؤسسها الرأي البسيط ، لأن أي حكم لا بد أن يكون قائما على قانون اليقين .يقول كانط " إذن ليس هناك أي مجال للرأي بخصوص الأحكام التي يصدرها العقل الخالص "فالحقيقة تستمد مشروعيتها مما هو قبلي .وبالتالي لا مجال للرأي في بناء المعرفة خاصة في مجال الرياضيات .

أما الفارابي يعتقد بأن بادئ الرأي يشكل عائقا أمام المعرفة ، لأن ما هو مشترك بين جميع الناس يكون بسيطا ومصدره الانطباع ، وهذا لا يؤسس معرفة موضوعية ، بقدر ما يحول دون الوصول إلى الحقيقة . وتبقى المعرفة البرهانية هي طريق الحقيقة .

رغم اختلاف اسلوب التحليل بين كل من كانط والفارابي فإنهما اتفقا على أن الرأي لا يمكننا من الحقيقة .

لكن أي المعايير تؤسس الحقيقة وتعطيها صفة اليقين ؟

2- معايير الحقيقة

أي المعايير تؤسس الحقيقة وتعطيها قيمة وقوة ؟ العقل أم الواقع أم الوجدان؟

هل يكفي القول بأن الحقيقة تتحدد في مطابقة العقل لذاته أم للواقع ؟ أشرنا في بداية الدرس بأن الحقيقة هي حكم عقلي أو حكم معرفي وبالتالي تختلف باختلاف مجالات الفكر والقول ، و تكون معاييرها مختلفة . لقد اشترط ديكارت البداهــــــة والوضوح العقلي كأساس للحقيقة . ما دام العقل يمتلك هذا الوضوح ، يمتلك قواعد تقيه من الوقوع في الخطأ ( قواعد المنهج الرياضي )- مطابقة العقل لذاته - . واشترط هيوم التجربة كأساس لبناء الحقيقة ، أي مطابقة العقل للواقع . ولأن العقل في نظر التجريبيين صفحة بيضاء . بالتالي كل الحقائق مصدرها الواقع التجريبي .

سواء مع العقلانيين أو التجريبيين ظل مفهوم المطابقة هو المؤطر لمفهوم الحقيقة . مما دفع بهيدجر إلى رفض هذا المفهوم لأنه يشل حركة العقل و لايتيح الفرصة للأشياء كي تنكشف وتعلن عن نفسها ، فالحقيقة عنده مرادفة للحرية ، إنها استعداد عقلي للانفتاح على الكائن المنكشف.

ليبنتز: معيار الحقيقة البرهان والمنطق ( العقل) كانط : معيار الحقيقة صوري ومطابقته مع

يرفض لينتز مبدأ الوضوح والبداهة كمعيار مع مبادئ العقل

ويرى بأن القواعد التي دافع عنها أرسطو بدأ كانط بالتساؤل عن معيار الحقيقة

وعلماء الهندسة أقوى من مبدأ ديكارت الشرط الذي يجب أن يتوفر في المعيار هو عدم

أي أن لا نقبل أي شيء ما لم يكن مبرهن عليه التناقض والاختلاف

البرهنة السليمة تقتضي : الانسجام المادي المعيار المادي الكوني يقبل بالتناقض وهذا لا يؤدي

الانسجام الصوري إلى الحقيقة

إذن معيار الحقيقة في نظر ليبنتز المنطق المعيار الصوري الكوني يستمد مشروعيته من ذاته

والبرهان مطابقة العقل لذاته بغض النظر عن مظاهر الأشياء

يقتصر على الجوهر

معيار الحقيقة : القوانين الكونية للفهم والعقل

الحقيقة : هي انتظام الواقع وفق بنية العقل القبلية

إن تاريخ الفلسفة يبين لنا كيف شكلت مسألة الحقيقة إشكالية تتعلق بالمعيار الذي يؤسسها ويعطيها قوة ؛ فمفهوم المطابقة في بعده التقليدي لم يبارح فكرة اليقين العقلي أو اليقين التجريبي ، وقد رفض ليبنتز هذا الطرح وجعل من معيار البرهنة والمنطق أساس بناء الحقيقة ، لأنه أقوى من مبدأ البداهة والوضوح الديكارتي ، وطبعا البرهان عند ليبنتز يقتضي الانسجام الصوري والمادي . لكن كانط

رفض هذا النوع من الفهم وحاول الجمع بين العقلي والصوري ، فالحقيقة في نظره تقتضي مادة وصورة ؛ أي أن العقل يحمل القوانين الأولية للفهم ؛ وهكذا الحقيقة في نظره هي انتظام معطيات الواقع مع بنية العقل القبلية .

هذا التصور لم يعد مقبولا مع تطور المعرفة ككل ، ولم يعد العقل لوحده قادرا على استيعاب كل معطيات الواقع ؛ لأن الحقيقة بمختلف أنواعها تنشأ ضمن مجال يتداخل فيه المعرفي بالسياسي بالاجتماعي ... وبالتالي لكل مجتمع آلياته ولكل مجال معرفي مبادئه ومفاهيمه ولقد ذهب باشلار إلى حد القول إن الأفكار الحقيقية ماهي سوى أخطاء تم تصحيحها وخطأ الأمس مصدر حقيقة اليوم مثال فكرة مركزية الأرض التي ظل الناس يعتقدون بصدقها لمدة طويلة .

3- الحقيقة بوصفها قيمة

مما يعطى للحقيقة قيمة هو ارتباطها برغبة الإنسان وطموحه الدءوب الذي يقوده إلى المغامرة النظرية والعملية ، ليصل إلى الحقيقة، لهذا لن نستغرب حين نجد ديكارت يقوم بتهديم كل المعارف والشك في كل الأشياء للوصول إلى الحقيقة التي لايمكن أن يتسرب إليها الشك ذات قيمة فكرية وأخلاقية ، ونجد هيوم يهدم فكرة العقل كملكة فطرية ليؤسس مبدأ التجريب كأساس لبناء حقيقة ذات قيمة فكرية وعملية ، ونجد ابستيمولوجية القرن العشرين ترفض الطرح الذي يختزل الحقيقة إما في العقل أو في التجريب ويجعل منها محاولة دءوبة لتصحيح خطأ ما ؛ وأن قيمتها تتجلى في قابليتها للمراجعة .

إن قيمة الحقيقة لا تتجلى في صدقيتها ،ولا في مرد وديتها ، بل هي نشاط وهدف تسعى إليه البشرية حسب تصور بوانكاري يقول " يجب أن يكون البحث عن الحقيقة هدف نشاطنا فهذه هي الغاية الوحيدة الجديرة به " أصبحت الحقيقة مطلبا ملحا ووعيا بخطورة عدم الالتزام بالقيم الإنسانية ، فالذي يبحث عن الحقيقة يجب أن يكون حرا كامل الحرية.

وليم جيمس: نفعي

كيير كجار: فطريتها ( قبلية)

نيتشه : الرغبة في البقاء

من أين تستمد الحقيقة قيمتها ؟

عادة تعني الحقيقة المطابقة ( الأفكار للواقع)

والخطأ يكمن في عدم المطابقة

المذهب البراغماتي: الأفكار الحقيقية هي التي نتحقق منها ( صحتها )

بالتالي مفهوم المطابقة مرفوض ويحل محله مفهوم التحقق والصلاحية والمردودية

الفكرة التي يدافع عنها جيمس هو :

-حقيقة الفكرة ليست خاصية متضمنة فيها

-الحقيقة هي حدث يتم إنتاجه

-تكتسب صفة الحقيقة من خلال مردوديتها

-التحقق الذاتي

خلاصة القول الحقيقة في نظره تكتسي قيمة من خلال صلاحيتها ومنفعتها

( مرد وديتها )

هل تعلم الحقيقة ممكن؟

يطرح كجار تصور سقراط للحقيقة

الفضيلة معرفة ، والحقيقة بدورها معرفة

المعرفة مجرد تذكر

والحقيقة بدورها مجرد تذكر

الحقيقة لا تأتي من الخارج بل كامنة في النفس العاقلة سابقة في الوجود

تكمن قيمة الحقيقة في فطريتها لأنها طبيعة النفس القبلية

ومعرفتها مجرد تذكر

وطبعا ليس الجميع تتوفر لهم صفة التذكر

الحقيقة تقابل الفضيلة

من أين تأتي غريزة الحقيقة ؟

ميل الإنسان إلى الحفاظ على ذاته يدفعه إلى الميل لاستخدام عقله

رغبة العيش تدفع الإنسان إلى المسالمة

الحقيقة تأتي ملائمة لغريزة البقاء

الحقيقة لا تكون كذلك إلا بارتباطها بالحفظ على الحياة

ما الحقيقة ؟

مجموعة من الاستعارات والكنايات ... تم تنميقها حتى بدت مع مرور الأيام حقيقة

الحقيقة وهم تم نسيانه

الصادق هو ما ينسجم مع الحقيقة المتداولة

كل ما هو طيب وجميل مصدره الوهم

الحقيقة تقتل نفسها حين تكتشف أن أساسها هو الخطأ

تستمد قيمتها من الرغبة في البقاء

لم تعد فكرة المطابقة كما حددها الفلاسفة العقلانيون والتجريبيون مقبولة لتحديد الحقيقة و قيمتها حسب رأي البراغماتيين، بل أصبحت المردودية المباشرة معيار قيمة الحقيقة ، تتحدد فيما هو نافع ، وهذا ما ذهب إليه وليم جيمس حين قال إن كلمة ) حقيقة ليست بالنسبة إلينا غير اسم جمعي يلخص عمليات التحقق ، تماما مثلما الصحة ، والثروة ، والقوة ، هي أسماء تدل على عمليات أخرى متعلقة بالحياة ، عمليات أخرى نافعة أيضا .إن الحقيقة شيء يصنع ، مثل الصحة والثروة والقوة خلال تجربتنا) .هكذا تصبح الحقيقة ذات قيمة عملية تحقق المنفعة .

بينما ذهب كجار إلى القول بأن قيمة الحقيقة تكمن في فطريتها لأنها تستمد مشروعيتها من العقل كملكة فطرية ، تأتي نتيجة تذكر ، لا تأتي من الخارج بل كامنة في النفس العاقلة. وهذه الحقيقة ليست في متناول الجميع ، فقط من يتوفر على قدرة التذكر . تصور يعيد طرح النموذج اليوناني القديم .

لكن هل دائما الغاية المباشرة هي المحرك للبحث عن الحقيقة ؟ والى أي حد يكون كل ما هو نافع حقيقي حتى وان كان يتعارض مع مصالح الآخرين نموذج البراغماتيين؟

يرى نيتشه أن ميل الإنسان إلى الحفاظ على حياته يدفعه إلى الرغبة الملحة في الاعتقاد بحقيقة ما تضمن له قدرا من السلامة المناسبة لغريزة البقاء ؛وتأخذ أشكالا من التعبيرات المجازية والتصويرية سرعان ما تصبح مع مرور الأيام حقيقة يعتقد بها الناس . من هنا قال نيتشه الحقيقة وهم تم نسيانه. إن الناس في حاجة إلى اليقين لأنه يمنح الاطمئنان ، وكذلك الخطأ المشاع يمنح الاطمئنان من هنا كانت الحقيقة وهم في نظر ه.

السيـــــــاســــــــــــــة

"On me demandera si je suis prince ou législateur pour écrire sur la Politique? Je réponds que non, et que c'est pour cela que j'écris sur la Politique. Si j'étais prince ou législateur, je ne perdrais pas mon temps à dire ce qu'il faut faire; je le ferais, ou je me tairais". (Rousseau, Du contrat social, I, Préambule). Texte 1.

يدخل الشخص في علاقات متنوعة ومتداخلة مع الغير و ينتج نموذجا من الضوابط التي تقنن وتنظم هذه العلاقات ، وقد تكون عرفية أو مكتوبة ؛ وضمن هذه العملية تنشأ تجاد بات واختلافات معرفية ومصلحيه ومبدئية تنتهي بظهور تكتلات مجتمعية تدافع عن مواقعها و مواقفها وتسعى إلى مأسستها . داخل هذا الجو العام نشأت السياسة كممارسة وكفعل لتدبير الشأن العام وفق اختيارات إيديولوجية واقتصادية وثقافية ...

لقد كان مشروع الجمهورية مع أفلاطون تصورا سياسيا للدولة ، اقترح فيه تدابير من شأنها أن تؤدي إلى دولة خالية من العنف أساسها العقل في انسجام مع طبيعة النفس البشرية (النفس العاقلة، النفس الغضبية، النفس الشهوانية) ، ولم يكتب للمشروع الأفلاطوني النجاح لبعده عن واقعية الوجود الإنساني . كان مشروعا مثاليا نظريا (المدينة الفاضلة).

لقد وضع المشروع العملي للسياسة في العصر الكلاسيكي والحديث مجموعة من التدابير التقنية لامتلاك السلطة والسهر على قيام الدولة واعتبرت العدالة والحق عناصر تقوض أسس الدولة و يصبح العنف في هذه الحالة مشروعا للدفاع على وجود الدولة ؛ هذا التصور يبعد القيم والأخلاق في العمل السياسي ( الديكتاتورية) . هذه النظرة للسياسة بدأت بالأفول مع المجتمعات الديمقراطية التي بلورت رؤيا معاصرة للعمل السياسي تعتمد المشاركة والتناوب تتحكم فيها صناديق الاقتراع .أي مبدأ التفويض المتعالي لم يعد مقبولا بل حل محله مبدأ التعاقد..

الـــــــــــــدولـــــــــــــــــة

الدولة هي الشكل المؤسساتي للسياسة والتي تتخذ أشكالا مختلفة وفق الاختيارات الإيديولوجية والاقتصادية فهي إما ملكية مطلقة أو ملكية دستورية أو جمهورية ... ويرتبط مفهوم الدولة بالسلطة والنظام ، إنها شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي ولا تتحقق إلا بوجود شعب وأرض محددة ومن أهم عناصرها السيادة في جميع المجالات .

تهتم الدولة بحياة الناس السياسية والاجتماعية والثقافية وتتخذ السلطة فيها بعدا مؤسساتيا يوكل إليها تدبير الشأن العام على جميع المستويات . من هنا يمكن إعطاء تعريف أولي للدولة ، بأنها مجموعة من المؤسسات السياسية والقانونية والعسكرية والإدارية والاقتصادية والثقافية ... التي تنظم حياة الأفراد والجماعات وتساعدها في ذلك بشكل غير مباشر مؤسسات لا حكومية تتمثل في الجمعيات والأحزاب والنقابات التي وظيفتها تأطير المجتمع والأفراد . يتبين إذن أن الدولة تتخذ بعدا سياسيا يتعلق بمسألة السيادة ؛ وبعدا قانونيا يتجلى في ضبط النظام ؛ وبعدا اجتماعيا يتجلى في الصراع السلمي بين مكونات المجتمع حول البرامج والاختيارات السياسية والاقتصادية ... ومن هذا المنطلق لم تعد الدولة بنية متعالية تستمد مشروعيتها من المقدس بل أصبحت صناديق الاقتراع هي التي تضفي المشروعية على نظام ما .

1- مشروعية الدولة وغاياتها

من أين تستمد الدولة مشروعيتها ؟

هل قوة الحق هي التي تؤسس الدولة أم حق القوة؟

أقدم نظرية في تفسير مشروعية الدولة هي نظرية الحق الإلهي ؛ أي أن أصل الدولة الفكرة الدينية ؛ وبالتالي الحاكم يستمد مشروعيته من الله مثال الفراعنة ، ولكن هذا التصور سيتم تجاوزه ليأخذ بعدا أخر يصبح فيه الحاكم خليفة الله في الأرض وكلا النموذجين يستمد قوته من الله . يكون فيهما الفرد مجرد موضوع لفعل الحاكم ؛ أي أن الناس مجرد رعايا ليس إلا . هذه النظرة التيوقراطية للدولة ، للفرد ، للقانون ، ستزول مع الثورة الفرنسية ثورة الرعاع ، التي ستؤدي إلى إلغاء الحق الإلهي وتعويضه بالحق المدني و سيأخذ شكله مع فكرة العقد الاجتماعي .

باختصار انتقل الإنسان من حق القوة القائمة على القوة المتعالية إلى قوة الحق أساسها الفعل الإنساني الذي انتهى إلى بناء مجتمع الحقوق والواجبات .مجتمع المواطنين ( المجتمع المدني). ولم يعد لمبدأ العنف أهمية بقدر ما أصبح الناس يتصارعون حول البرامج والاختيارات الإيديولوجية والسياسية والاقتصادية والثقافية ...

لقد أشار هوبس في كتابه "التنين" إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه الإنسان مما أدى به إلى التنازل عن كل حق له من أجل الحفاظ على حياته والعيش في سلام ، على هذا الأساس نشأ تعاقد أولي بين الناس كتجاوز للحالة الطبيعية التي يحكمها العنف والخوف ؛ وبتنازل الأفراد عن جزء من حقهم منحوا المشروعية لحاكم مركزا كل الصلاحيات في يده مقابل خضوع الجميع لإرادته وهكذا فطغيان الحاكم مشروع وسلطته مطلقة لأنه ليس طرفا في العقد . هذه النظرة السلبية للإنسان " كونه ذئب لأخيه" تجاوزها لوك ولم يرى في الوضع الإنساني تلك المأساة التي صورها هوبس . بقدر ما فكر الإنسان في تجاوز حالة الفطرة إلى مرحلة المجتمع السياسي المدني . انتهى إلى بناء مجتمع تضامني جماعي انتهى إلى بناء دولة تعاقدية يتنازل فيها المواطنون على بعض حقوقهم عكس ما قال به هوبز. يكون الملك طرفا في العقد هنا تزول صفة الإطلاقية على حكمه .

يقول روسو" إن من يهب نفسه للجميع ، لا يهب نفسه لأحد " تأثر روسو بلوك ؛وفكر في السبيل لتخليص الإنسان من الشرور ألا وهو

طريق التعاقد الاجتماعي ويعتبر الجميع حاكمين ومحكومين طرفا في العقد . تحل الإرادة العامة محل الحاكم المطلق يقول روسو" كل شخص منا يضع تحت تصرف الجماعة شخصه ، وكل قوة تحت قيادة الإرادة العامة " أي ما يحكم وجود أفراد المجتمع هو الصالح العام . السلطة في نظر روسو تستمد مشروعيتها من الشعب .

باختصار الدولة تعبير واضح على علاقات الهيمنة القائمة في المجتمع و يبرر هذه الهيمنة مبدأ المشروعية ، وكل نموذج يدعي بأنه يملك المشروعية التي تخوله حق التصرف بل حق استعمال العنف .

لوك: اسنينوزا:

2- طبيعة السلطة السياسية

تتوقف الدولة على بناء مؤسسات تمنحها قوة وتجعلها قادرة على إدارة الشأن العام ، ولكي تحقق هذا المطلب لا بد من أجهزة تنفيذية و تشريعية وقضائية . وتتدخل الدولة في جميع المجالات سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ؛ وهنا تطرح مسألة طبيعة الدولة . هل هي متعالية عن المجال الذي تمارس فيه أم محايثة له ؟

يذهب البعض إلى القول بان الفرد يجب أن يتمتع بمطلق الحرية يقول كانط " لا يوجد إلا حق واحد حق الإنسان في الحرية " وعلى هذا الأساس الإرادة الفردية مصدرا للقوانين و فوق إرادة الدولة ؛ في هذا النموذج تأخذ الدولة طابعا فرديا تكون الملكية حق مقدس ، والمنافسة مبدأ أساسي في المجال الاقتصادي . هذه النظرة تستمد معطياتها من مبدأ العقد الاجتماعي " إن هدف كل جماعة سياسية هو صيانة حقوق الإنسان الطبيعية الخالدة ، وأن صيانة حقوق الإنسان والمواطن تقتضي قيام سلطة" الدستور الفرنسي 1789 .

إلى جانب النزعة الفردية ، نجد النزعة الجماعية التي تقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد . وبالتالي تفترض هذه النزعة تدخل الدولة في كل شيء . مما أدى إلى إنزلاقات خطيرة في ممارسة السلطة مثال الديكتاتوريات والسلطة المستبدة ، وهذا النموذج قد يؤدي إلى سلطة مطلقة تسلب الفرد حريته . وتشل حركته وتقتل فيه روح الإبداع والخلق .

خلاصة القول إن إشكالية السلطة تتحدد من خلال علاقة الفرد بالدولة وذلك بتحديد طبيعة نظامها السياسي واختياراتها الإيديولوجية والاقتصادية .

يبدو أن المجتمعات البشرية عرفت تغيرات جوهرية على مستوى ممارسة السلطة ولم تعد النزعة الفردية ممكنة لتسيير الشأن العام ، كما فقدت النماذج الكلية مشروعيتها أمام التطور الاجتماعي والسياسي . وأصبح الحديث يجري على مفهوم الديموقراطية كمصدر لمشروعية الدولة .

مونتسكيو: لوك: الان تورين:

3- الدولة بين الحق والعنف

يقول فرنسوا لوجاندار ((في الواقع إن الدولة هي التي تحتكر مبدئيا السلطة المادية بممارسة الضغط وهي التي تقاضى وتعاقب تحظر القتل و تفرض النظام, نظامها هي أكثر منه النظام الذي يريده مجموع المواطنين. إن لعبة السلطة بالذات تنطوي على عنف تظهره لعبة الجماعات الضاغطة. و لذا يعود للدولة أيضا أن تقرر الحرب شريطة ألا تكون لعبة بأيدي قوى تسيطر عليها. تلك ليست إلا أدني مظاهر ازدواجية الدولة فهي تضمن النظام و تكرس الحرب تدين قتل المواطنين و تفرض قتل العدو تدعي معرفة الخير و الشر وحق تصنيف بين صديق وعدو توحد بسهولة بين قواتها التأديبية وقوى الكون, بين نظام المجتمع القائم و قوى العالم أليست هذه الازدواجية الأخيرة هي التي تبرر التضامن بين السياسي و القدسي ؟ فكما أن القدسي يمارس عنفا على التصور الخيالي ويضمن الامتثال لنظام ما كذلك يظهر ما هو سياسي بمظهر القدرة القدسية بالذات, حتى إن المساس بسلطة الدولة يميل إلي أن يصبح كفرا و أن هذا الميل المتأصل عميقا في نفس الإنسان يترسخ كثيرا عندما تريد السلطة التي تحتكر المقدسات أي السلطة الدينية أن تجعل من السلطة العامة مدافعة عن قيمها الخاصة. و كما أن المجتمع لا يتردد في إخفاء رقابته و سيطرته تحت ستار حريات جذابة ومزعومة كذلك ينكشف العنف الفاضح لحرب تشن على الفقراء باسم سلام الفقراء.))

الدولة في جميع الحالات وفي جميع صورها تحتكر السلطة وتدير اللعبة السياسية وفق إستراتيجية معينة ؛ فهي التي تقاضي ؛ وهي التي تفرض النظام ؛ ... وفي هذه اللعبة تمارس الدولة العنف بكل أشكاله المادي والمعنوي ، فكما أن المقدس يمارس العنف على المتخيل ويضمن الامتثال ، فكذلك تمارس السلطة عنفا يضمن الامتثال ؛ وأي مس بالدولة كيفما كان شكل السلطة يعتبر خيانة . ويزداد القهر كلما جنحت الدولة إلى الهيمنة والإنفراد بالسلطة مما يجعلها متعارضة مع مبدأ الحق والحرية . وتبدو كأنها مناقضة للحق الفردي والجماعي .هكذا تكون المظاهرات والتجمعات والإضرابات وكل أشكال الاحتجاج الاجتماعية ممارسات غير قانونية تواجهها الدولة أحيانا بالعنف لحماية الحق العام . وتصبح عبارة الحق العام فضفاضة تضمن التصرف المشروع للدولة في استخدام العنف والقوانين.

تقول روس " إن دولة الحق تؤدي إلى ممارسة معقلنة لسلطة الدولة ، ممارسة تتشبث بالقانون وباحترام الحريات كما تؤدي إلى انتظام سياسي متوازن ينفتح على مجال الحريلت العامة "

ماكس فيبر: جاكلين روس: بول ريكور:

الحـــــــق والعدالـــــــــة

الحديث عن مفهوم الحق يجعلنا نستحضر مفهوم العدالة ،الحق يشير إلى ما هو مشروع وما هو مسموح به حسب القوانين ؛ كما يشير إلى الإنصاف ، أي أن الحق يجسد العدالة من خلال احترام وتطبيق القانون . كما يرتبط بمبدأ الواجب .

الحق هو مجموعة من القواعد والقوانين المنظمة للحياة الإنسانية داخل المجتمع والتي تتيح الفرصة لممارسته ، أو التصرف فيه داخل حقل الحرية مثال حق التجوال ، نستنتج أن الحق يرتبط بالإنسان وبالحياة الإنسانية ويمثل العنصر الحضاري الذي بلوره الإنسان عبر التاريخ للتعبير عن شكل من أشكال العلاقات الإنسانية ، ويمثل المجال الذي تتحرك فيه الشخصية في علاقاتها مع الآخر سواء كان هذا الآخر فردا أو جماعة أو مؤسسة مثل الغيرالدولة الحزب النقابة ...

باختصار تطور المفهوم واتسع مدلوله ليشمل جميع المجالات : السياسة ، الاقتصاد ، المجتمع ...أصبح يشمل كل ما يتعلق بإمكانية تحقيق إنسانية الإنسان ، من خلال قبول احترام الغير وحق الاختلاف معه طبقا لقواعد تحافظ على التوازن بين القوى الاجتماعية ، لهذا يعكس الحق مجموعة من التجليات فهو السند الذي يرتكز عليه القوي لإضفاء المشروعية على قوته ، والضعيف لإضفاء المشروعية على مطالبه وكل منهما يؤول مفهوم الحق حسب الغايات والأهداف المتوخاة .

إن البحث في مجال الحق يؤدي إلى الخوض في مجالات أخرى اقتصادية اجتماعية سياسية أخلاقية إيديولوجية ؛ تؤدي بدورها إلى إشكالات جوهرية تتعلق بالعدالة ، الحرية ، الواجب ، القانون ، الدولة، السلطة ، العنف ، السلام ، الديمقراطية ، المواطنة ، المجتمع المدني .

من هنا تبدو الأسئلة التالية مشروعة ويتعلق الأمر بما الذي يؤسس الحق ؟ الطبيعي أم الثقافي من أين يستمد الحق قوته من الإلزام أم من الالتزام ؟ بمعنى هل سلطة الإكراه هي التي تمنح الحق قوة وجاذبية أم قيمته الأخلاقية ؟ وكيف نفسر بأن الحق هو إلغاء للعنف وإصلاح للحرية ؟ ما علاقة الحق بالعدالة ؟ وما هي الوظيفة التي تقوم بها العدالة لتجسيد الحق ؟

1 – الحق بين الطبيعي والثقافي

يرتبط مبدأ الحق بالإنسان وبحياته اليومية ويمثل الوضعية التي انتقل فيها من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة ؛ فالحالة الطبيعية ارتبطت بما هو فطري وعام ومشترك لا يخضع إلا لقانون الطبيعة . بينما الثقافي يمثل الجانب المكتسب وهذا خاص بالعنصر البشري ؛ ويظهر المكتسب بمجرد ما تظهر القاعدة التي تجبر الإنسان على الانضباط إليها . والقاعدة هي نتيجة محاولة الإنسان الخروج من وضعية لا يشعر فيها بالاستقرار وضعية تجعله خاضعا لقانون الطبيعة الذي لا يعير للقيم والأخلاق والعقل قيمة . هنا ظهر مبدأ الحق كمجموعة من الضوابط القانونية والاجتماعية والأخلاقية لتنظيم حياة الإنسان .فمن أين يستمد الحق مشروعيته ؟ وما هي الأسس التي يقوم عليها الحق ؟

للإجابة على هذا السؤال نستحضر توجهين متناقضين : توجه يرى بأن الحق يقوم على أساس طبيعي ، وآخر يقوم على أساس ثقافي .

نظرية الحق الطبيعي تقول بأن الفرد بحكم وجوده الطبيعي حر في أن يفعل ما يشاء وفق طبيعته الخاصة . ويمثل هذا التصور توماس هوبس الذي يرى بأن أساس كل الحقوق هي الطبيعة ، ويعتقد بأن الإنسان أناني بطبعه يرفض الحواجز ويميل إلى الحرية المطلقة والتصرف وفق ما تمليه عليه طبيعته للحفاظ على حياته وصيانتها ؛ وبما أن الإنسان يتصرف وفق طبيعته فإنه يعيش حالة حرب الجميع ضد الجميع مما ترتب عن ذلك قاعدة عقلية تقضي بأن يعمل كل إنسان ما في وسعه من أجل السلم . بهذا الشكل اضطر الإنسان إلى التنازل عن حقه الطبيعي ويضع السيادة في يد سلطة واحدة من أجل السلم . إن الرغبة في الحفاظ على الحياة في نظر هوبس دفعت بالأفراد إلى التخلي عن حالة الحرب حتى يضمن حالة من الاستقرار الاجتماعي .

أما سبينوزا فيرى بأنه لكي يعيش الناس في آمان كان لزاما عليهم أن يسعوا إلى التوحد في نظام واحد ويصبح الحق الطبيعي ينتمي إلى الجماعة لأن حالة الطبيعة تهدد حياة الإنسان ، وهذ ا ما دفع إلى البحث عن صيغة جديدة للحياة كتجاوز لمرحلة الطبيعة لأنها مرحلة توثر و صراع ؛ أي أن الميل الطبيعي نحو الحق المطلق انزاح ليترك المكان للعقل الذي وحده يستطيع توجيه الإنسان والتحكم في الشهوات والرغبات . ويصبح الإنسان يمارس حريته في حدود ما يسمح به العقل والتعايش مع الغير ؛ أي أن الإنسان تخلى عن طبيعته العدوانية .

لكن روسو يرى عكس كل من هوبس وسبينوزا ، مستبعد البعد العدواني في الإنسان فطبيعته خيرة بحيث كان الناس أحرارا ولم يكن تنازل الناس عن حقهم الطبيعي هدفه الخروج من الحرب كما تصور ذلك هوبس ولكن بسبب التطور الحضاري الذي أخذ أرقى شكل له في النموذج المدني المبني على التعاقد لا من أجل إلغاء الحقوق ولكن من أجل الحفاظ عليها ، أصبح العقد يجسد الإرادة العامة المكونة من مجموع الإرادات الفردية . يقول روسو " إن الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة التمدن خلف في الإنسان تغيرا جد ملحوظ حيث قام صوت الواجب مقام الاندفاعات الجسدية " بدأ الإنسان ينصت لصوت العقل صوت الواجب ، بهذا الشكل تجاوز مجتمع القطيع إلى مجتمع التعاقد والتعايش يقول روسو" ذلك ما كان أو وجب أن يكون أصل المجتمع والقوانين والتي سجنت الضعيف بقيود جديدة ومنحت الغني قوى جديدة فقضت على الحرية الطبيعية قضاء نهائيا وثبتت قوانين التملك والتفاوت " . وأصبحت الدولة البنية التي تمثل الجسم الاجتماعي بواسطة عقد اجتماعي من خلال تنازل الإنسان عن أنانيته يقول روسو" كل شخص منا يضع تحت تصرف الجماعة شخصه ، وكل قوة تحت قيادة الإرادة العامة " . ( من حق القوة إلى قوة الحق)

هوبس : أساس الحق الطبيعة

سبينوزا : الحق يجد أساسه في الطبيعي

روسو: الانتقال من حق القوة إلى قوة الحق

يحدد معنى الحق الطبيعي= حرية الفرد بأن أن يتصرف كما يشاء من أجل الحفظ على

طبيعته الخاصة

الحرية تعني غياب الحواجز

لا بد من التمييز بين الحق والقانون :

الحق يكمن في حرية القيام بفعل أو الامتناع

القانون يتميز ببعد الإلزام أوالإمتناع

الحق يختلف عن القانون

الحالة الطبيعية يتبع فها الفرد ما يمليه عليه

عقله فكل شيء ممكن للدفاع عن الحياة

= حرب الكل ضد الكل

نتيجة هذه الوضعية = حق الجميع للسيطرة

على الأشياء

يترتب عن هذا الوضع : - قاعدة عقلية عامة

تؤدي إلى : - قانون نابع من الطبيعة غايته

السلم

-قانون يلخص حق الطبيعة المتمثل

في حق الدفاع عن النفس

طبيعة الإنسان عدوانية

التخلي عن حقه الطبيعي من أجل التعايش

الحق الطبيعي هو القواعد التي تتميز بها

طبيعة كل فرد

الحق الطبيعي يتحدد حسب القدرة والرغبة

لا حسب العقل

دافع الرغبة يحول دون القدرة على الحياة

وفق العقل

الفرد الذي يعيش وفق قانون الطبيعة يحق

له أن يشتهي طبقا لحق طبيعي مطلق

مستعملا كل الأساليب للإستحواد عليه

هذا الوضع الطبيعي يهدد حياة الفرد

والجماعة

مما أدى به إلى التفكير في نموذج حياة

مطابقة لمقتضيات العقل

العقل عكسه الرغبات

الرغبات تؤدي إلى العدوانية

العقل السليم يؤدي إلى السلم والتعايش

القوي قوي بقدرته على تحويل قوته إلى حق

وطاعته إلى واجب

حق القوة كان حقا مبتزا خال من أي بعد

أخلاقي

الانصياع إلى القوة ناتج عن ضرورة

والحكم القائم على القوة يكون فيه

العصيان مشروع

في هذه الحالة يزول الحق بزوال القوة

بالنتيجة القوة لا تخلق الحق

روسو لايرى بأن أساس الحق الطبيعة بل

أساسها التعاقد

بالنتيجة : قوة الحق تتجلى في المشروعية

الطاعة هنا تصبح واجبا

طبيعة الإنسان ليست عدوانية

2- العدالة كأساس للحق

إن أي محاولة لمقاربة مفهوم العدالة تجعلنا ننخرط ضمن مجال أكثر اتساعا ويتعلق ب : المساواة ، التوازن ، الحق ، القانون ، الإنصاف ، المشروعية ، الآخر ، السلطة ، الحرية ،الديمقراطية .

يدل لفظ العدالة في بعده العام على ضرورة احترام القانون والامتثال له ؛ وفى المعنى الخاص يفيد الإنصاف ، الحق باختصار يدل على ما هو مطابق للحق الذي تجسده القوانين التي بدورها تحدد الشكل الذي تكون عليه المشروعية ؛ ويصبح كل ما نقوم به مشروعا حين يكون مطابقا للقانون ؛ وبمنحنا القانون القدرة على التمييز بين ما هو مشروع وما هو غير مشروع ؛ مثال خرق القانون مسألة لا مشروعة يعاقب عليها القانون . إذن الأمر هنا يتعلق بسلوك وأفعال الأفراد المتعاقدين ، وتصبح العدالة هي الاحترام التام لحقوق الآخر ، هي الإنصاف هي الحق . هكذا لا يتحدد المفهوم في مجرد المطابقة للحق بل أكثر من ذلك إنها حكم محدد على أحداث ما باسم القيم والأخلاق يكون فيها القانون هو الوسيط بين الحدث والقانون . من هنا يمكن طرح الأسئلة التالية :

ما حاجتنا إلى العدالة ؟ وما هي المبررات التي أدت إلى ضرورة إقامة العدالة ؟ وكيف تمثل العدالة أساس الحق ؟

إن انتقال الإنسان من الحالة الطبيعية إلى الحالة الثقافية جعله بالضرورة يتخلى عن حالة القطيع التي كان فيها الجميع ضد الجميع كان فيها الصراع المتسم بالعنف هو سيد الموقف ؛ ليقيم الإنسان مجتمع التعاقد الذي فيه تخلى الناس عن سيادتهم الفردية لسيادة عليا أصبحت فيما بعد تجسد المشروعية .إن حاجة الناس إلى إقامة توازن داخل المجتمع لتحقيق حد أدنى من التعايش كان المبرر الأساسي في إقامة مجتمع عادل يهدف إلى تحقيق المساواة والإنصاف. ومع ظهور القانون الذي يجسد السلطة ظهرت مؤسسة الدستور ومؤسسة القضاء وأصبح مبدأ الحق أساس المجتمع المدني والأداة لحماية الحق.

الان منروف: الحق يجد مشروعيته في العدالة

التي تقره وتعترف به

شيشرون : الفصل بين العدالة والمنفعة

يؤسس لفضيلة كأساس للحق

الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان

الحق هو ماتمت الموافقة عليه من طرف

سلطة حكم وأعلنته ( القضاء)

الحق هو نسق من الأشكال والإحتياطات

المتعلقة بالمعاملات بين الناس

لكي تكون للحق قيمة يجب التصريح به

نستنتج من الأمثلة الواردة في النص أن

سلطة حكم (القضاء) هي التي تقر وتعطي

للحق قوة وقيمة.

الإعتقاد بأن المؤسسات والقوانين عادلة

وهم

فقوانين الطغاة هل هي عادلة

الحق الوحيد هو الذي يمثل قاعدة

جامعة للمجتمع يؤسسه قانون واحد وفق

مقتضيات العقل

إذا كانت العدالة هى الإمتثال للقوانين وإذا

كانت المنفعة هي مقياس كل شيء

فسينتهك كل من سنحت له الفرصة تلك

القوانين

العدالة لن توجد إلا إذا وجدت طبيعة

صانعة للعدالة

ما لم يقم الحق على الطبيعة سيتلاشى

إذن أساس الحق الفضيلة القائمة على

الحب

والفضيلة هى ميل طبيعي والطبيعي

يمكننا من التمييز بين الظلم والحق

نستنتج أن الحق لايقوم على العدالة بقدر

ما تؤسسه الفضيلة القائمة على الحب

تتضمن الوثيقة الحقوق المنصوص عليها

عالميا والتي تم إقرارها علانية سنة 1948

حقوق الإنسان حقوق كونية

تطرح مسألة العدالة والحق إشكالية فلسفية جوهرية ، مند القدم كان البحث منشغلا بالإجابة عن سؤال جوهري ؛ يتعلق ب مالذي يؤسس الحق العدالة أم قوته القانونية ؟

مع شيشرون لم تكن العدالة أساسا للحق ، فحتى الطغاة يفرضون قوانينهم وبالتالي عدالتهم . لهذا يعتقد شيشرون بأن المؤسسات والقوانين ليست عادلة ، لأن الحق الوحيد هو الذي يمثل قاعدة للجمع بين أطراف المجتمع وهذا الحق يستند إلى العقل ،وإذا كانت العدالة قائمة على المنفعة ؛ فستجد من ينتهكها كلما سنحت له الفرصة .إذن لن توجد عدالة إذا لم توجد طبيعة صانعة لهذه العدالة . إذن أساس الحق ليس العدالة بل الفضيلة القائمة على الحب ،وهذه الأخيرة ميل طبيعي . خلاصة القول أن العدالة في نظر شيشرون لا تؤسس الحق .

أما ألان يرى عكس ذلك ؛ فالعدالة في نظره المجسدة في سلطة القضاء عي التي تقر وتعطي للحق قوة وقيمة . لأن الحق يتعلق بنسق من القواعد المنظمة للمعاملات ، وهذا ما يقتضي التصريح بالحق وطبعا هناك جهة واحدة تقوم بالتصريح وهي مؤسسة القضاء .

ما نلاحظه هو أن هناك اختلاف جوهري بين النظرة التأملية للحق للعدالة للعقل للطبيعة ، وبين النظرة الواقعة لنلك المفاهيم . من هذا المنطلق لم يعد الحق يستمد مشروعيته من المطلق بقدر ما تقوم المؤسسات على الإعلان عنه ومن بين هذه المؤسسات هيئة القضاء .

ولقد كانت واضحة هيئة المم المتحدة التي و ضعت وثيقة تحدد من خلالها الحقوق الإنسانية المبنية على العدالة والإنصاف والمساواة تحت ضمانة الحق في اللجوء إلى المحاكم من أجل حماية هذه الحقوق. والسؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أي حد تكون العدالة منصفة ومحافظة على الحق ؟

4- العدالة بين المساواة والإنصاف

لم تعد العدالة فضيلة كما تصور ذلك شيشرون ، ولا مصدرها العقل السليم ، بل أصبحت مطلبا حضاريا ومدنيا ، هدفها الإنصاف ومساواة الجميع أمام القانون ؛ فكيف تكون العدالة منصفة ؟ وأين يتجلى مبدأ المساواة ؟

1 commentaire:

Unknown a dit…

هناك مشكل في النصوص الوارد تلخيصها في الجداول .الحقيقة هو عمل تشكر عليه لكن الجدول لايظهر كاملا على شاشة يظهر جزء فقط .امل ان تجيبني في القرب وقت ان لم تستطيع حل هذا المشكل رجاءاا ابعت لي على ايميلي ملخص الوارد في الجداول على شكل pdf جزاك الله خيرا