mardi 6 mai 2008

االأخلاق : الواجب----- السعادة

الأخـــــــــــــلاق

يعتبر موضوع الأخلاق أحد المواضيع الأكثر إثارة لأنه يهتم بما هو معياري قيمي . يهتم بنموذج السلوك الإنساني في علاقاته مع ذاته ومع الغير سواء كان هذا الغير فردا أو جماعة . كما تمثل الأخلاق شكلا من أشكال الوعي الذاتي وظيقتها ضبط وتنظيم سلوك الإنسان في كافة مجالات الحياة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية... وكابحا للنوازع العدوانية . مثال الأسرة ،الجماعة ، الإقتصاد ، الصحافة ، السياسة ، العلم ، الدين ، ...

إن كل ما يخضع للقاعدة يخرج عن الطبيعة ، وبمجرد ما تظهر القاعدة حتى تبدأ القيم بالتشكل ،و يكون الفاعل الإجتماعي هو المكون الأساسي للأخلاق والقيم ؛ تسعى كل أمة أن تكون لها قيم ومبادئ و تعمل على تثبيتها وتمريرها الى الأجيال بواسطة التربية سرعان ما تصبح تلك القيم ملزمة لا يجوز تجاوزها .

الأخلاق تعنى بدراسة السلوك على ضوء القواعد الأخلاقية وفق معايير للسلوك الفردي والجماعي وهي ethos تعني مجموعة من المثاليات والقيم ، وتختلف عن لفظة déontologie المشتقة من الكلمة اليونانية déontosالذي يعني ما يجب فعله ،وlogos تعني علم ؛ أي علم يدرس الواجبات ، و كلمة ديونتولوجي مرادفة للأخلاق المهنية التي تحدد المعايير الأخلاقية والسلوكية المهنية المراد إتباعها أثناء ممارسة مهنة ما ؛ وهي معايير تتبناه جماعة مهنية معينة ؛ ولكل مهنة أخلاقيات ( الميثاق الأخلاقي) .

تختلف المسؤولية القانونية عن المسؤولية الأخلاقية ؛ فالمسؤولية القانونية تتحدد بالتشريعات تقوم سلطة تنفيذية بتطبيقها ،أما المسؤولية الأخلاقية تتعلق بالفرد والجماعة وهي مسؤولية ذاتية تتعلق بضمير الفرد والجماعة .

نستنتج أن حقيقة الوجود الإنساني تتميز ببعدها الإلزامي والإلتزامي ؛ إلزامية القوانين ، والتزامه الأخلاقي . وضمن هذه الثنائية يسعى إلى بلوغ الكمال بلوغ السعادة والرضي ، بلوغ وضعية يشعر فيها بأنه قام بواجبه اتجاه ذاته واتجاه الغير . وطبعا هذا لن يتحقق إلا إذا توفر شرطين أساسين الحرية وقوة الإرادة لكن طبيعة القيم الأخلاقية تدفعنا إلى ضرورة التفكير في مسألة الضرورة والحرية ؛ لأن الفرد والجماعة يتحركان داخل مجال تحدده القوانين والأخلاق يدفعهما إلى إبداع أسلوب عيش منسجم مع وضعية الإلزام والالتزام .

الواجـــــــــــب le devoir

الحديث عن الواجب يدفعنا إلى الحديث عن الضرورة والإكراه والالتزام مثال : في حالة الإكراه السجين تسلب منه حريته كعقاب له وفي حالة الالتزام الأخلاقي مساعدة المحتاج فعل أخلاقي . هذا يجعلنا نفكر في المعنى المعياري للمفهوم حين يتعلق الأمر بالأخلاق والقيم ، وفي المعنى الواقعي للمفهوم حين يتعلق الأمر بالإكراه والعنف .

فالقيام بالواجب يعني الخضوع للقاعدة وهذا يضمن مبدأ الحق ويجعل القانون يسود . فلا واجب بدون حق ولا حق بدون واجب إذن الواجب هو ما يتوجب القيام به ضمن مجال الحرية مثال الواجب الديني ، الواجب الاجتماعي ، الواجب السياسي ... وهنا يظهر دور المؤسسة التربوية والأسرة والمجتمع في ترسيخ مفهوم الواجب وتهذيب سلوك الفرد لجعله سلوكا متميزا وذا قيمة أخلاقية ؛ من خلال تحديد الواجبات المتعلقة بالسلوك وبالحياة اليومية الذاتية والمهنية وتلقينها للنشأ إذ سرعان ما تصبح تلك الواجبات تمارس قهرها على الفرد ، فحق التمدرس مضمون يقابله واجب مدرسي على التلميذ الالتزام به كذلك حق العمل مضمون يقابله واجب مهني ... أي أن الواجب يرتبط بالحق لهذا يتخذ الواجب بعدا إكراهيا سواء من خلال القوانين والمجتمع ، أو من خلال القهر الذاتي المتمثل في الضمير .

1- الواجب والإكراه

كانت الفلسفات القديمة تنطلق من مفهوم الانسجام والتناغم ، فأسست رؤية خاصة للعقل ، للعدالة ، للحق ، للواجب ... فالإنسان السعيد هو ذلك الإنسان المنسجم مع طبيعته وغاياته العقلية فأبيقور يرى أن ما يوافق طبيعة الإنسان هي اللذة الروحية ، وذهب الرواقيون إلى القول لا تتحقق السعادة إلا إذا عاش الإنسان في توافق مع طبيعته .

باختصار الفلسفات القديمة جعلت من الفضيلة أساس السعادة والخير . هذا التصور الماهوي لمفهوم الأخلاق والواجب والعقل والحق والحرية .. أصبح متجاوزا مع العقلانية الحديثة فنجد كانط في كتابه " أسس ميتافيزيقا الأخلاق" وضع تصورا للفعل الأخلاقي باعتباره ضرورة عقلية يظهر على شكل واجب نابع من ذات الإنسان التي تتمتع بالحرية ، إن المصدر الأساسي الذي يجب على الجميع الانطلاق منه هو العقل والحكم الأخلاقي وبهذا الشكل يكون الإكراه يفرضه العقل ، إنه إكراه حر ، خال من أي بعد نفعي ، إنه أمر أخلاقي كوني يِؤسس مبدأ الواجب كما تصوره كانط وفق قاعدة :

- الكلية " تصرف كما لو أنه يتعين على القاعدة التي تحكم سلوكك أن تنصب من طرف إرادتك كقانون كوني للطبيعة "

- والتنزيه " تصرف بطريقة تجعلك تعامل الإنسانية ، في شخصك كما في الآخرين ، دوما وعن نفس الوقت ، كغاية (في ذلتها) وليس أبدا كمجرد وسيلة "

– و الحرية أو الإرادة . " تصرف دوما بحيث يمكنك أن تعتبر نفسك بمثابة مشروع وبمثابة ذات فاعلة في مملكة الغايات التي تجعلها حرية الإرادة أمرا ممكنا "

إن الواجب الأخلاقي يسمو و لا يمكن أن نساويه بالواجب الاجتماعي ؛ إنه واجب لكل الكائنات كوني . كان كانط يهدف إلى تأسيس أخلاق كونية يقينية ثابتة مطلقة . لكن فكرته تعرضت لانتقادات كثيرة ، فالواجب المطلق لا يؤسس للمساواة ، إضافة إلى إفراغه لمبدأ الواجب من البعد الواقعي . وكأن الضرورة أو الإكراه مصدره العقل العملي والإرادة الحرة .

لقد رفض التصور الاجتماعي البعد التأملي للأخلاق ،وللواجب ، وللحق .. ذلك أن الواقع الاجتماعي بمختلف أشكاله يلعب دورا في تشكل القيم ؛ فقد اعتبرت الماركسية الأخلاق انعكاس للواقع الاجتماعي ؛ فالأخلاق السائدة هي أخلاق الطبقة المهيمنة . في حين يرى دوركاهيم وليفي برول بأن الأخلاق هي ظاهرة اجتماعية تمارس قهرها أي أن الفرد ملزم ومقيد ، فما استحسنه المجتمع أصبح واجب أخلاقي وهو بالتالي واجب اجتماعي . إذن الواجب يكتسي طابعه الإكراهي من المجتمع .

أما اليوم فيجري نقاش حاد حول مسألة الواجب ، وكيف يمكن إحياء ثقافة الواجب بعيدا عن الديماغوجية ؛ وهذا يقتضي إحياء روح المواطنة كنموذج تعاقدي إذ أصبح التجديد موقوف عليه من خلال إدماجه في المسؤوليات .

كانط : الواجب أمر أخلاقي وهو بمثابة تعبير عن قانون عقلي

دوركاهيم : نمارس الواجب وفق القاعدة الأخلاقية

يمارس العقل إكراها على الإرادة وهذا هو الأمر الأخلاقي :

- الأمر الأخلاقي المشروط يرتبط بالضرورة

- الأمر الأخلاقي القطعي ؛ غير مشروط وهي ذات صبغة كونية كلية

خلاصة : هناك أمر واحد قطعي تشتق منه الأوامر الأخلاقية المشكلة للواجب

النتيجة الأمر الأخلاقي يؤسس لمبدأ الواجب وفق قواعد :

- الكلية

- التنزيه

- الحرية أو الإرادة

نظرة كانط لمبدأ الواجب ، الأخلاق ..نظرة ميتافيزيقية

الواجب في علاقته بالإلزام والرغبة

يجب أن تكون الغاية الأخلاقية مرغوب فيها إلى جانب كونها إلزاما

الصفة الأولى للفعل الأخلاقي هي الإلزام

الصفة الثانية للفعل الأخلاقي هي أنه مرغوب فيه

لكن الرغبة تربط بأمر القاعدة المعيارية

الواجب يتميز بنوع من الإكراه

النتيجة :

نمارس الواجب وفق القاعدة الأخلاقية

نمارس الواجب وفق ما هو مرغوب فيه

نظرة دوركاهيم لمبدأ الواجب واقعية ترتبط بالمجتمع

يقول كانط " عندما أتصور أمرا شرطيا على وجه الإجمال فإنني لا أعرف مقدما ما سوف ينطوي عليه الواجب حتى أعطي الشرط الذي يقوم عليه . أما إذا تصورت أمرا قطعيا ، فإنني أعرف على الفور ما ينطوي عليه .... إذن فليس ثمة غير أمر قطعي واحد ، يمكن التعبير عنه على النحو التالي : افعل فقط طبقا للمبدأ الذاتي الذي يجعلك تقدر على أن تريد له في الوقت نفسه أن يصير قانونا كليا " إذن جميع أوامر الواجب تشتق من هذا الأمر القطعي المنبثق من العقل العملي إلى جانب الإرادة ، أي أن كانط يستبعد واقعية الفعل الأخلاقي ، ويضع له قواعد على أساسها يتحدد مبدأ الواجب .

على عكس التصور الكانطي العقلي نجد دوركاهيم وهو عالم اجتماع يقول أن أصل الواجب المجتمع . يقول دوركاهيم " كلما أجلنا الفكر لنعرف كيف يجب علينا أن نفعل كلمنا صوت من داخلنا وقال : هذا واجبك وإذا ما أخللنا بهذا الواجب الذي قدم لنا على ذلك الشكل ، قام نفس الصوت فكلمنا واحتج على ما فعلنا . ولما كان ذلك الصوت يكلمنا بلهجة الأمر والنهي ... ندرك الحقيقة وراء الرمز وهذه الحقيقة هي المجتمع . إذ المجتمع هو الذي وضع فينا عند تربيتنا تربية أخلاقية ...فإذا تحدث ضميرنا كان المجتمع هو المتحدث فينا ... فالواجب هو الأخلاق من حيث هي تأمر وتنهى ... ولئن كان من اليسير أن تنبين أن الواجب هو المجتمع من حيث يفرض علينا قواعده " ' التربية الأخلاقية '

2 – الوعي الأخلاقي

الوعي هو أعلى أشكال انعكاس الواقع الموضوعي وهو كائن في الإنسان وحده ويمثل مجمل العمليات العقلية التي تشترك ايجابيا في فهم الإنسان للعالم الموضوعي ولوجوده الشخصي ، ويرتبط بظهور اللغة التي كان لها تأثير كبير في ظهور الوعي .إذ أصبح الإنسان بإمكانه إدراك صفات الأشياء وإدراك علاقاته بذاته وبالآخر وبالأشياء وهناك مستويين من الوعي كما حدد ذلك لالاند :

- الوعي النفسي : هو حدس الفكر لحالاته وأفعاله وواقعه

- الوعي الأخلاقي : خاصية تمكن الإنسان من تقييم أفعاله وإصدار أحكام معيارية حول القيمة الأخلاقية لتلك الأفعال .

ما مصدر الوعي الأخلاقي ؟

سبق لكانط أن قال بأن مصدر الواجب العقل العملي والإرادة ، ونفس الشيء يجد الوعي الأخلاقي جذوره في ملكة العقل . إنه وعي ذاتي فطري . أما روسو فقد كان يعتقد بالطبيعة الخيرة للإنسان مما يتولد لديه إحساس بالخير ؛ وهكذا الوعي الأخلاقي عند روسو وعي محايث للذات إنه معطى فطري . فالأحكام الصادرة عن الإنسان تكون نابعة من أحاسيسه الفطرية وهي كالتالي : حب الذات ، الخوف من الألم ، الخوف من الموت ، الرغبة في العيش ، وطبعا هذا لا يكفي مما يجعله يميل إلى الاجتماع لسد باقي حاجاته التي يعجز على تحقيقها بمفرده ؛ وبالرغم من ذلك يبقى الوعي غريزة كامنة في النفس البشرية .

ما نلاحظه هو أن الفلسفات القديمة والحديثة كانت لها نظرة ماهوية للأخلاق ، ترى فيها كيان معياري محايث للذات لا يخضع لأي مؤثرات خارجية . فالوعي هو وعي أنطلوجي بالدرجة الأولى .يعبر عن الجوهر الثابت والمطلق .

لكن الأبحاث العلمية أوضحت الدلالة النفسية والاجتماعية والتاريخية للوعي . مع فرويد يجد الوعي أصله في البنية النفسية : الأنا ، الأنا الأعلى ، الهو . وضمن العلاقة المتوترة بين الأنا والأنا الأعلى يتشكل الوعي ، والوعي الأخلاقي ، باعتباره جهازا يمارس الرقابة . ومع ماركس يجد الوعي جذوره في العلاقة المتوترة بين طبقات المجتمع .

خلاصة القول لم يعد الوعي كيانا متعاليا ، بل نتيجة لواقع نفسي ، واجتماعي ، وتاريخي ، وثقافي ... . لقد اظهر نيتشه بان الإنسان قادر على التفكير والإبداع دونما حاجة إلى الوعي ، أي أن الحياة ممكنة دون أن تتأمل ذاتها ، مبرزا بذلك الطابع السطحىللوعى

فرويد : التحليل النفسي لمفهوم الوعي الأخلاقي

كيتجنشتاين : البعد التاريخي للوعي

3– الواجب والمجتمع

أشرنا في بداية الدرس إلى أن الواجب يتميز ببعده الإكراهي ، وبينا بأن مصدر الأخلاق يختلف باختلاف تصورات الفلاسفة ، ولقد وضح كانط بأن الأمر القطعي تشتق منه الأخلاق وتحدد الواجب ؛ في انسجام مع العقل العملي والإرادة الحسنة ؛ إذن الأخلاق بمجملها ترتبط بالفرد كذات واعية . وبالتالي علاقة الواجب بالمجتمع في نظر كانط غير مبررة واقعيا ؛ بقدر ما هي ميزة الذات العاقلة وهذا ما يعطيها بعدا كونيا ومطلقا وثابتا ؛ إن الصفة التي يعطيها كانط للأخلاق صفة التعالي وبالتالي الواجب يكتسي ذات الصفة . مما يجعلنا نطرح السؤال التالي هل الإنسان يخضع للضمير الفردي أم للضمير الجمعي يلعب دورا في القيام بالواجب

لقد بينت الدراسات السوسيولوجية والنفسية بأن البني الاجتماعية والنفسية تلعب دورا كبيرا في تشكل الأخلاق وبلورة مفهوم الواجب . لهذا يكون للتربية الأخلاقية دورا في بناء الوعي وإذكاء روح الواجب لدى الفرد والجماعة . فالمجتمع بمكوناته يتحكم سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالفرد بل وتحدد أحيانا سلوك الأفراد والجماعات ؛ لهذا يمارس المجتمع نوعا من القهر من خلال رسم معالم الإمتثال للواجب . أي أن الفعل الأخلاقي لا ينبع من الإرادة الحرة الفردية ( ذاتي) كما تصور ذلك كانط ولكن ضمير المجتمع يتحكم بصورة مباشرة ورمزية في سلوك الأفراد والجماعات ( التنشئة الإجتماعية) . إن المجتمع يمثل قوة إلزامية ويفرض نموذج السلوك تبعا طبيعة للوظائف والمهام التي يقوم بها الأفراد داخل المجتمع ، هكذا تتعالى سلطة المجتمع على سلطة الفرد . ويرسم معالم الإمتثال للواجب بكل أنواعه .

في مقابل هذين التصورين نجد برغسون يبتعد عن الطبيعة الستاتيكية للمفهوم ، ويقترح بعدا ديناميكيا للأخلاق ، للواجب ... بالإنفتاح على ما هو إنساني .

إن إشكالية علاقة الواجب بالمجتمع أحيت وبصورة حادة نقاشا حول ثقافة الواجب لدى المواطنين وهذا يتوقف على رهان مبدأ روح المواطنة كنموذج تعاقدي من خلال إدماجه في المسؤولية والرغبة في تحقيق مجتمع مدني أساسه الحق والعدالة والإنصاف ضمن مجال يمكن تجاوز الذاتي إلى الجمعي والكوني من أجل تحقيق إنسانية الإنسان والانفتاح على ثقافات أخرى لتعزيز ثقافة التعايش والسلم بين الشعوب . والتخفيف من العنف المادي والرمزي داخل المجتمعات .

ماكس فيبر : هناك فرق بين أخلاق الاعتقاد وأخلاق المسؤولية

راولز : الواجب هو نوع من التضامن الاجتماعي

الفعل الإنساني يخضع لتوجيهين أساسين :

- توجيه أخلاق الاعتقاد (دين ،أيديولوجية)

- أخلاق المسؤولية : القانون المحاسبة ( مؤسسة)

هناك ترابط وتضارب بينهما

الذي يتصرف وفق مبادئ دينية مثلا يتوكل على الله

الذي يتصرف وفق مبادئ قانونية ينتظر المحاسبة

الأول يرجع كل الكوارث إلى الإنسان والمشيئة الإلهية

الثاني يحمل الإنسان مسؤوليته

نصير أخلاقيات الإقتناع لا يشعر بالمسؤولية فقط يعمل على إذكاء روح العقيدة النقية = أفعاله لها قيمة مثالية فقط

نصير أخلاقيات المسؤولية يحمل الفرد مسؤولية أفعاله = افعاله لها قيمة واقعية لأنه يحاسب عليها

يدعو راولز إلى إقامة نوع من العدالة بين الأجيال

أجيال اليوم التي تتمتع بالاكتشافات التكنولوجية عليها أن تفكر في أجيال المستقبل

واجب التضامن مع الأجيال القادمة

يقسم فيبر الواجب الأخلاقي إلى نوعين : عقيدي ، وقانوني . فالأول ينبني على ما هو روحي مثالي يرتبط بما هو ذاتي يكون فيه الفرد غير مسئول رهين القناعات الروحية والإملاءات العقدية ، صوت العقل لا دور له بل صوت الروح صوت الخالق هو الذي يتحكم في الفعل الإنساني أفعال الإنسان لها قيمة مثالية . أما أخلاق المسؤولية التي تصدر عن الفرد بكل وعي وحرية فيتحمل نتائج أفعاله ، ويحاسب عليها .

أما راولز فيتحدث عن الواجب باعتباره نمطا من التضامن بين الأجيال ، فكل جيل عليه مسؤولية تهيئ الظروف للجيل اللاحق على أساس العدالة .

السعــــــــــــــــــادة

- "Tous les hommes recherchent d'être heureux..." (Pascal)

لم تعد المجتمعات المعاصرة تعيش حالة انغلاق أو عزلة ؛ كما لم تبق القيم جامدة ، نظرا لتغير عادات وطبائع الناس ، فالرهان السياسي الذي قطع على نفسه خلق مجتمع متجانس خال من العنف لم يتحقق ، وهكذا فالسعادة الموعودة تبقى مسألة بعيدة المنال إن لم نقل مستحيلة في ظل النظام الاقتصادي والاجتماعي الجديد الذي تحكمه قيم السوق والنموذج الاستهلاكي . فالحاجات والرغبات التي خلقها النظام الجديد زادت من تعقيد وضعية الإنسان النفسية والاجتماعية ، تحول الإنسان إلى آلة استهلاكية بالدرجة الأولى مما أفقده الحس الجمالي والقيمي لوجوده ، وأنساه الهامش الإنساني الذي يجب أن يحقق فيه إنسانيته ، ليحقق فيه سعادته .

ما معنى أن نكون سعداء ؟ وما معنى السعادة ؟

إن تمثل الناس لمفهوم السعادة يختلف من فرد إلى آخر ، وقد تتغير بتغير الظروف الواقعية والنفسية والاجتماعية للفرد ؛ قد يجد البعض السعادة في تحقيق اللذة ، أو الأكل الجيد ، أو تحقيق الرغبات الحيوانية ، أو التمتع بالأعمال الفنية والأدبية ، أو اللذة الروحية كما قد يمثل السلام مصدرا للسعادة عند البعض ....

يقول ديكارت " إن مفهوم السعادة بلغ من عدم التحديد مبلغا جعل كل إنسان يعجز عن أن يقول في ألفاظ دقيقة ومتماسكة ما يرغب فيه " . للسعادة عدة أوجه لأن مصادرها متعددة بتعدد ميولات الناس واختلاف طموحاتهم ، ويمكن أن نجمل أشكال السعادة فيما يلي : مادية ، عقلية ، وجدانية .

هل السعادة ترتبط بالفرد أم بالجماعة ؟ ثم ما هي مكونات السعادة ؟

قبل أن نعطي تعريفا أوليا لمفهوم السعادة لا بد من تحديد تجليات السعادة التي يمكن حصرها فيما يلي : (مظاهر)

- الفرح : اللبنة الأساسية والأداة الضرورية التي تعبر عن حالة الإشباع ؛ إذن يتولد شعور بالرضا بعد الإشباع يؤدي إلى حالة من الفرح ، وهو الحلقة التي تجمع بين اللذة والسعادة

- المتعة والبهجة : إحساس يتملك الفرد بعد تحقيق هدف ما سواء كان ماديا أو معنويا أو روحيا .

- الحب : بمجرد ما يؤسس الفرد حريته حتى يسعى إلى تحقيق نوع آخر من السعادة في علاقته بالآخر فردا كان أو جماعة من خلال الحب والصداقة .

ما معنى السعادة ؟ بتعريف ديكارت " هي حكم حول الوجود c’est un jugement sur l’existence إنها حالة شعورية تتجاوز الآني إلى الوعي .

وبتعريف برونو فورتان وهو طبيب نفساني le bonheur est le degré selon lequel une personne évalue positivement la qualité de sa vie dans son ensemble

1 – الدلالة الفلسفية للسعادة

انطلقت الفلسفات القديمة من نظرتها للإنسان باعتباره ماهية أو جوهر ، وبالتالي تتحدد السعادة في علاقتها بالإنسان من حيث هو إنسان . يقول ابيقور " إن اللذة هي بداية الحياة السعيدة وغايتها " وهي الخير الأول الموافق للطبيعة ، من خلال قصيدته لوكراس " في الطبيعة " عرض ابيقور مبادئ السعادة ؛ وهي الالتزام بفضائل أخلاقية كالصداقة والعون والاستجابة لنداء الجسد . أما أفلاطون فقد ميز بين الشيء وماهيته ؛ بين الثابت والمتغير ؛ فالسعادة في نظره لا تكمن في المتغير ، بل التجانس والانسجام مبدأين أساسين لبلوغ السعادة ولا يتم هذا إلا عن طريق التأمل الصاعد لتطهير النفس من الأهواء . السعادة = حكمة إدراك عقلي لفكرة الخير الأمثل والجمال الأمثل ...

لقد كتب أرسطو كتابه الأخلاق إلى نيكوماك أن الكل يعود إلى الأصل الجوهري ،وأن كل الأفعال تنتهي إلى الخير الأسمى ، الفضيلة التي هي السعادة المرجوة لأنها مطلب عقلي .

باختصار ترتبط السعادة بالنفس العاقلة التي تنزع إلى الفضائل السامية عبر التأمل العقلي ؛ وتأتي كتتويج لأفعالنا الخيرة وتنهي بالرضي الكلي حين نحق الانسجام والتناغم المرجو مع الطبيعة . فالسعادة في نظر اليونان لا تنتج من خلال الإشباع الغريزي ، أي لا ترتبط بما هو حسي ،إنها حالة من السمو الذاتي إلى عالم الكمال عالم المثل .

أما الفلسفة الكلاسيكية والحديثة ، فديكارت يرى أن الحقيقة وحدها قادرة أن تجعلنا سعداء ، إنها غاية عقلية محضة . أم كانط فالسعادة مستحيلة التحقق ماديا ؛ وليس لأي كان أن يقول بأنه سعيد ؛ يجب أولا التمييز بين المبدأ الأخلاقي ومبدأ الحكمة ، فقواعد الأخلاق تشكل قواعد مادية صادرة عن التجربة لهذا الأمر الأخلاقي في نظر كانط خاضع لقواعد عقلية كلية تلزمنا بالخضوع وقد يتطلب هذا أحيانا التضحية بالسعادة ( راجع درس الواجب ) . إن القاعدة الأخلاقية لا تعلمنا كيف نكون سعداء بل تعلمنا كيف نكون جذرين بالسعادة يقول كانط " إن السعادة هي مثل أعلى لا للعقل بل للتخيل "

ورغم تأثر الفلاسفة المسلمون بالفلسفة اليونانية ظل النص الديني حاضرا بقوة في تفكيرهم ، وشكل المقدس المكون الأساسي للمفاهيم الفلسفية ك العقل ، اللغة ، الحقيقة ، الحق ، العدالة ، السعادة ... كل هذه المفاهيم استمدت مضمونها من النص الديني لتتخذ بعدا ينسجم ومقاصد الشريعة لا مع مرامي العقل . إذن السعادة من هذا المنظور هي استعداد عقلي لبلوغ الحكمة ، كما هي استعداد روحي من خلال مجاهدة النفس مع أهل العرفان .

السعادة في الفكر الإسلامي لا ترتبط بما هو مادي كإرضاء للحواس " لأن الملذات الحسية مشتركة بين جميع المخلوقات الحيوانية"فالسعادة ترتبط باللذة العقلية والذوق الوجداني .

السعادة في نظر الفارابي غاية كل إنسان وهي تطلب لذاتها وأعظمها الكمال الإنساني ولا تتحقق إلا بالحكمة التي بها ننال السعادة من خلال قوة العقل الذي هو ملكة فطرية حاصلة لنا قبل كل شيء .

لقد أجمع الفلاسفة المسلمون على أن السعادة لا تنال إلا بالنظر الظني الذي ينير الطريق للعقل حتى يستلهم العلم الرباني ، وكان لا سعادة خارج الذات والوجدان وما عداها وهم وخداع . فالفضيلة تكمن في تشوق النفس إلى الكمال عن طريق التأمل والنظر الظني وتهيئ النفس لقبول الفيض ونيل السعادة . هذا التصور يقربنا من أهل العرفان الذين يزيلون كل وساطة بين الذات والخالق ، إنهم أولياء نزعوا على أنفسهم الحدود والفواصل والقيود ؛ يرون الحقيقة ويعيشون السعادة بقلوبهم عن طريق بدل المجهود بالانتقال من حال الى حال لبلوغ السعادة القصوى ، فيتحقق الإتحاد والفناء والحلول والكشف . وكانت شطحات البسطمي والسهروردي والحلاج

محاولات للتعبير عن هذا الإشراق الروحي .

خلاصة القول الفلاسفة والمتصوفة التقوا واختلفوا التقوا حين اعتبروا السعادة سمو عن اللذة البدنية ، واختلفوا في طريق السعادة . فالنظر العقلي يجعل السعادة حاصلة تحت الضمان الإلهي ، والكشف الوجداني يجعل السعادة حاصلة تحت الضمان الإلهي .

أرسطو : السعادة هي الخير الأسمى = الفضيلة

ابن مسكويه : السعادة بين التمثل العامي والتمثل العارف

2 – البحث عن السعادة

نبه أبيقور إلى ضرورة الانسجام مع الطبيعة من خلال معرفة الإنسان محدوديته لكي يحقق السعادة المرجوة لهذا قال " تحمل وعف" وحدها الفضيلة والقدرة على اجتناب الألم تؤدي إلى السعادة ؛ وكأني بالفلاسفة اليونان يرون تعاسة الإنسان تكمن في تهافته نحو إشباع اللذة والاستجابة لغريزته الطبيعية .

إن وضعية التوتر التي يعيشها الإنسان جعلت موضوع السعادة يحتل مكانة هامة في البحث الفلسفي والعلمي ( علم النفس علم الاجتماع ) وأصبح لهذا المفهوم وظيفة إيديولوجية تختفي خلفه تناقضات جوهرية تتعلق بالحق ، بالواجب ، بالعدالة ، بالقيم ، بالدولة ، بالعدالة ، بالإنصاف .... لم يعد الفهم الفلسفي القديم مقبولا فنجد روسو في كتابه أصل التفاوت يبحث في العوامل التي أدت إلى فقدان السعادة . إن الوضعية الجديدة التي أصبح يعشها الإنسان جعلت حاجاته تتطور وتتنوع ولم يعد هناك تكافؤ بين الرغبات والقدرات مما ولد حالة من التوتر أفقدته راحته الطبيعية وأدت به إلى حالة من الشقاء .

فالمدنية أسست لنمط جديد من العيش جسده المجتمع الاستهلاكي الذي ولد حاجات متزايدة جعلت الإنسان يلهت وراء سعادته من خلال إشباع حاجاته التي لا تنتهي . من هنا كان اهتمام علم النفس بالبحث عن معوقات السعادة يقول فرويد " لا تكاد دراستنا عن السعادة حتى الآن تزودنا بشيء عدى ما يعلمه الناس ... فلقد سبق أن أعطينا الجواب بالإشارة إلى المصادر الثلاثة التي ينبع منها الألم الإنساني : قوة الطبيعة ، وشيخوخة جسمنا بالذات ، وعدم كفاية التدابير الرامية إلى تنظيم العلاقات بين البشر ، سواء ضمن الأسرة أم الدولة أم المجتمع " يحدد فرويد معوقات السعادة في معوقات طبيعية ، ومعوقات ثقافية ؛ فالأولى تسعى إلى الإشباع فتصدم بالواقع الذي هو من صنع الإنسان فالتنظيم الاجتماعي والسياسي قائم على كبث غرائز وميولات الإنسان الطبيعية وإكراهه على التخلي عن حقوقه الطبيعية لهذا يعتبر فرويد الحضارة نشأت حين تم تحويل طاقة الإنسان اللبيدية إلى موضوعات للعمل هنا تولدت تعاسة الإنسان . لكن هل السعادة مطلب مستحيل ؟

إذا كانت الحضارة أنتجت وضعا جديدا متوترا ، فالإنسان يحاول باستمرار الانفلات من هذا التوتر بخلق مجالات للسعادة مثال الفن ، الآداب ... ولعل تنيمية الذوق وتربية رهافة الإحساس الفني والجمالي لدى الناس شكل من أشكال التخفيف من التوتر والحد من تعاسته . متجاوزا حالات الشقاء التي تحدث عنها شوبنهاور .

نص فرويد : عوائق السعادة ص 199 مباهج

3 – السعادة والواجب

إن حالة المدنية أخرجت الإنسان من حالة الطبيعة ؛ولم يعد بإمكانه الانغلاق على ذاته ؛ بل دخل في علاقات إنسانية ، غايتها خلق نوع من الألفة والتعايش ؛ من خلال الاعتراف بالغير ( راجع درس الغير ) لهذا حين يتحدث راولز عن الواجب يرى بأنه نمط من التضامن بين الأجيال ، فكل جيل عليه مسؤولية تهيئ الظروف للجيل اللاحق على أساس العدالة . ( راجع درس الواجب) فالظروف التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها هي السبيل إلى تحقيق الحد الأدنى من السعادة المتبادلة ، وهكذا تكتسي السعادة قيمة أخلاقية ، وتصبح واجبا نحو الذات والآخر .

إن السعادة في بعدها المطلق غير ممكنة ،لكن رغبة الإنسان في تحقيق سعادته رهين بقدرته على تحقيق توازن بين ما يرغب فيه وما توفره له الظروف ، وذلك بالتخلي عن أنانيته المفرطة ، والتخلي عن كل أشكال العنف ( راجع درس العنف ) وذلك بتوفير الحرية الممكنة للتعبير والإبداع والخلق ؛ إذ في هذا المجال يفسح المجال لمكبوثاته ورغابته كي تتحقق في صور إبداعية تولد الإحساس بالجمال والمتعة الروحية والإنسانية ؛ حينها يشعر بنوع من التوازن النفسي .

نص كانط : السعادة غير مستقلة عن القانون الأخلاقي 202 مباهج

1 commentaire:

Unknown a dit…

merci beaucoup