jeudi 1 mai 2008

الحق والعدالة

الحــــــــــــق والعدالــــــــــــــة le droit et la justice

الحديث عن مفهوم الحقLe droit يجعلنا نستحضر مفهوم العدالةla justice . ويشير مفهوم الحق إلى ما هو مشروع وما هو مسموح به حسب القوانين ؛ كما يشير إلى الإنصاف ، أي أن الحق يجسد العدالة من خلال احترام وتطبيق القانون . و يرتبط بمبدأ الواجب le devoir.

الحق Le droit هو مجموعة من القواعد والقوانين المنظمة للحياة الإنسانية داخل المجتمع والتي تتيح الفرصة لممارسة الحق ، أو التصرف فيه داخل حقل الحرية مثال حق التجوال حق التعبير ... أي أن الحق يرتبط بالإنسان وبالحياة الإنسانية ويمثل العنصر الحضاري الذي بلوره الإنسان عبر التاريخ للتعبير عن شكل من أشكال العلاقات الإنسانية ، ويمثل المجال الذي تتحرك فيه الشخصية في علاقاتها مع الآخر سواء كان هذا الآخر فردا أو جماعة أو مؤسسة مثل الدولة الحزب النقابة ...

باختصار تطور المفهوم واتسع مدلوله ليشمل جميع المجالات ، السياسة ، الاقتصاد ، المجتمع ... أي شمل كل ما يتعلق بإمكانية تحقيق إنسانية الإنسان ، من خلال قبول احترام الغير وحق الاختلاف معه طبقا لقواعد تحافظ على التوازن بين القوى الاجتماعية ، لهذا يعكس الحق مجموعة من التجليات فهو السند الذي يرتكز عليه القوي لإضفاء المشروعية على قوته ، والضعيف لإضفاء المشروعية على مطالبه وكل منهما يؤول مفهوم الحق حسب الغايات والأهداف المتوخاة .

إن البحث في مجال الحق يؤدي إلى الخوض في مجالات أخرى اقتصادية اجتماعية سياسية أخلاقية إيديولوجية ؛ تؤدي بدورها إلى إشكالات جوهرية تتعلق بالعدالة ، الحرية ، الواجب ، القانون ، السلطة ، العنف ، السلام ، الديمقراطية ، المواطنة ، المجتمع المدني .

من هنا تبدو الأسئلة التالية مشروعة ويتعلق الأمر ب ما الذي يؤسس الحق ؟ الطبيعي أم الثقافي من أين يستمد الحق قوته من الإلزام أم من الالتزام ؟ بمعنى هل سلطة الإكراه هي التي تمنح الحق قوة وجاذبية أم قيمته الأخلاقية ؟ وكيف نفسر بأن الحق هو إلغاء للعنف وإصلاح للحرية ؟ ما علاقة الحق بالعدالة ؟ .

1 – الحق بين الطبيعي والثقافي

يرتبط مبدأ الحق بالإنسان وبحياته اليومية ويمثل الوضعية التي انتقل فيها من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة ؛ فالحالة الطبيعية ارتبطت بما هو فطري وعام ومشترك لا يخضع إلا لقانون الطبيعة . بينما الثقافي يمثل الجانب المكتسب وهذا خاص بالعنصر البشري ؛ ويظهر المكتسب بمجرد ما تظهر القاعدة التي تجبر الإنسان على الانضباط إليها . والقاعدة هي نتيجة محاولة الإنسان الخروج من وضعية لا يشعر فيها بالاستقرار وضعية تجعله خاضعا لقانون الطبيعة الذي لا يعير للقيم والأخلاق والعقل قيمة . هنا ظهر مبدأ الحق كمجموعة من الضوابط القانونية والاجتماعية والأخلاقية لتنظيم حياة الإنسان .فمن أين يستمد الحق مشروعيته ؟ وما هي الأسس التي يقوم عليها الحق ؟

للإجابة على هذا السؤال نستحضر توجهين متناقضين : توجه يرى بأن الحق يقوم على أساس طبيعي ، وآخر يقوم على أساس ثقافي .

نظرية الحق الطبيعي تقول بأن الفرد بحكم وجوده الطبيعي حر في أن يفعل ما يشاء وفق طبيعته الخاصة . ويمثل هذا التصور توماس هوبس الذي يرى بأن أساس كل الحقوق هي الطبيعة ، ويعتقد بأن الإنسان أناني بطبعه يرفض الحواجز ويميل إلى الحرية المطلقة والتصرف وفق ما تمليه عليه طبيعته للحفاظ على حياته وصيانتها ؛ وبما أن الإنسان يتصرف وفق طبيعته فإنه يعيش حالة حرب الجميع ضد الجميع مما ترتب عن ذلك قاعدة عقلية تقضي بأن يعمل كل إنسان ما في وسعه من أجل السلم . بهذا الشكل اضطر الإنسان إلى التنازل عن حقه الطبيعي ويضع السيادة في يد سلطة واحدة من أجل السلم . إن الرغبة في الحفاظ على الحياة في نظر هوبس دفعت بالأفراد إلى التخلي عن حالة الحرب حتى يضمن حالة من الاستقرار الاجتماعي .

أما سبينوزا فيرى بأنه لكي يعيش الناس في آمان كان لزاما عليهم أن يسعوا إلى التوحد في نظام واحد ويصبح الحق الطبيعي ينتمي إلى الجماعة لأن حالة الطبيعة تهدد حياة الإنسان ، وهذ ا ما دفع إلى البحث عن صيغة جديدة للحياة كتجاوز لمرحلة الطبيعة لأنها مرحلة توثر و صراع ؛ أي أن الميل الطبيعي نحو الحق المطلق انزاح ليترك المكان للعقل الذي وحده يستطيع توجيه الإنسان والتحكم في الشهوات والرغبات . ويصبح الإنسان يمارس حريته في حدود ما يسمح به العقل والتعايش مع الغير ؛ أي أن الإنسان تخلى عن طبيعته العدوانية .

لكن روسو يرى عكس كل من هوبس وسبينوزا ، مستبعد البعد العدواني في الإنسان فطبيعته خيرة بحيث كان الناس أحرارا ولم يكن تنازل الناس عن حقهم الطبيعي هدفه الخروج من الحرب كما تصور ذلك هوبس ولكن بسبب التطور الحضاري الذي أخذ أرقى شكل له في النموذج المدني المبني على التعاقد لا من أجل إلغاء الحقوق ولكن من أجل الحفاظ عليها ، أصبح العقد يجسد الإرادة العامة المكونة من مجموع الإرادات الفردية . يقول روسو " إن الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة التمدن خلف في الإنسان تغيرا جد ملحوظ حيث قام صوت الواجب مقام الاندفاعات الجسدية " بدأ الإنسان ينصت لصوت العقل صوت الواجب ، بهذا الشكل تجاوز مجتمع القطيع إلى مجتمع التعاقد والتعايش يقول روسو" ذلك ما كان أو وجب أن يكون أصل المجتمع والقوانين والتي سجنت الضعيف بقيود جديدة ومنحت الغني قوى جديدة فقضت على الحرية الطبيعية قضاء نهائيا وثبتت قوانين التملك والتفاوت " . وأصبحت الدولة البنية التي تمثل الجسم الاجتماعي بواسطة عقد اجتماعي من خلال تنازل الإنسان عن أنانيته يقول روسو" كل شخص منا يضع تحت تصرف الجماعة شخصه ، وكل قوة تحت قيادة الإرادة العامة " . ( من حق القوة إلى قوة الحق)

هوبس : أساس الحق الطبيعي

روسو: أساس الحق التعاقد

الحق الطبيعي معناه : حرية الفرد بأن يتصرف

كما يشاء من أجل الحفاظ على طبيعنه الخاصة

الحرية تعني غياب الحواجز

القانون الطبيعي هو مبدا عام بموجبه لا يحق

للإنسان تدمير ذاته

لا بد من التمييز بين الحق والقانون :

الحق : يكمن في حرية القيام بفعل أو الإمتناع

القانون : ملزم

الحق والقانون مختلفين ونقيضين

الحق يستد مشروعيته مما هو طبيعي

الحالة الطبيعية تتميز بحرب الكل ضد الكل

نتيجة هذه الوضعية حق كل واحد في السيطرة

النتيجة الإهتداء الى قانون نابع من الطبيعة

هدفه الحفاظ على الحياة مادامت

طبيعته عدوانية

السلم تطلب منه التخلي عن طبيعته العدوانية

التمييز بين حالة الطبيعة وحالة التمدن

الحق الطبيعي لا يستقيم لغيابة عقاب طبيعي

إذن قوانين الطبيعة لا تخدم إلا الشري وتسبب

الشر للعادل

الحل : هو عقد أتفاق وسن قوانين بهدف

إقرار العدالة

الحالة الطبيعية تنعدم فيها العدالة

الحالة المدنية تكون كل الحقوق محددة بقوانين

القانون ينظر الى الأفعال بصورة مجردة

الحق يجده سنده فيما هو قانوني

لأن السند القانوني يوحد بين الحقوق

والواجبات و يهدف الى إقرار العدالة

الحق تطلب تعاقدا

لقد اختلف الفلاسفة حول الأساس الذي يقوم عليه الحق ؛ فنجد هوبس يستلهم البعد الطبيعي في الإنسان الذي يجعله مدفوعا بحكم نزوعه الطبيعي الى الحفاظ على حياته بكل السبل ، وبالتالي تصرف الإنسان ينسجم وميله الطبيعي الى البقاء ، لكن هذه الوضعية في نظر هوبس ستؤدي الى حالة من الحرب الدائمة مما أدى الى الإهتداء الى قانون نابع من الطبيعة هدفه الحفاظ على الحياة ؛ فكان أن جنح الى السلم بالتخلي عن طبيعته العدوانية لإرادة عليا . بينما يرى روسو في مبدأ التعاقد أساس الحق ، ذلك أن القوانين الطبيعية لا تخدم الحق بل تؤدي الى نوع من الصراع العدواني ؛ ولتجاوز هذه الوضعية كان لا بد من اللجوء الى التعاقد وسن قوانين هدفها اقرار العدالة . أي ان الإنسان انتقل من حالة الطبيعة الى حالة التمدن التي تكون فيها الحقوق محددة بقوانين أي أن الحق تطلب تعاقدا.

- العدالة كأساس للحق

إن أي محاولة لمقاربة مفهوم العدالة تجعلنا ننخرط ضمن مجال أكثر اتساعا ويتعلق ب : المساواة ، التوازن ، الحق ، القانون ، الإنصاف ، المشروعية ، الآخر ، السلطة ، الحرية ،الديمقراطية .

يدل لفظ العدالة في بعده العام على ضرورة احترام القانون والامتثال له ؛ وفى المعنى الخاص يفيد الإنصاف ، الحق باختصار يدل على ما هو مطابق للحق الذي تجسده القوانين التي بدورها تحدد الشكل الذي تكون عليه المشروعية ؛ ويصبح كل ما نقوم به مشروعا حين يكون مطابقا للقانون ؛ وبمنحنا القانون القدرة على التمييز بين ما هو مشروع وما هو غير مشروع ؛ مثال خرق القانون مسألة لا مشروعة يعاقب عليها القانون . إذن الأمر هنا يتعلق بسلوك وأفعال الأفراد المتعاقدين ، وتصبح العدالة هي الاحترام التام لحقوق الآخر ، هي الإنصاف هي الحق . هكذا لا يتحدد المفهوم في مجرد المطابقة للحق بل أكثر من ذلك إنها حكم محدد على أحداث ما باسم القيم والأخلاق يكون فيها القانون هو الوسيط بين الحدث والقانون . من هنا يمكن طرح الأسئلة التالية :

ما حاجتنا إلى العدالة ؟ وما هي المبررات التي أدت إلى ضرورة إقامة العدالة ؟ وكيف تمثل العدالة أساس الحق ؟

إن انتقال الإنسان من الحالة الطبيعية إلى الحالة الثقافية جعله بالضرورة يتخلى عن حالة القطيع التي كان فيها الجميع ضد الجميع كان فيها الصراع المتسم بالعنف هو سيد الموقف ؛ ليقيم الإنسان مجتمع التعاقد الذي فيه تخلى الناس عن سيادتهم الفردية لسيادة عليا أصبحت فيما بعد تجسد المشروعية .إن حاجة الناس إلى إقامة توازن داخل المجتمع لتحقيق حد أدنى من التعايش كان المبرر الأساسي في إقامة مجتمع عادل يهدف إلى تحقيق المساواة والإنصاف. ومع ظهور القانون الذي يجسد السلطة ظهرت مؤسسة الدستور ومؤسسة القضاء وأصبح مبدأ الحق أساس المجتمع المدني والأداة لحماية الحق.

أرسطو : السلوك العادل هو السلوك الموافق للقوانين طبقا

للفضيلة

فريدريك فان هايك: السلوك العادل يكفل الحق ضمن الحرية

الظلم تصرف متعديا حدود القانون

العادل هومن يتصرف وفق القانون

السلوك العادل سلوك يوافق القانون ويضمن المساواة

السلوك الظالم سلوك لاقانوني ومنافي للمساواة

القوانين تشرع الأفعال وغايتها حماية المصلحة العامة

طبقا للفضيلةوحماية سعادة الجماعة

العدالة = فضيلة = أساس الحق

العدالة تتقاطع مع المفاهيم التالية :

الحق ، الحرية ، الشرعية ، القانون

العدالة تستمد مشروعيتها من المشروعية

القانون يستند على العدالة

تستند العدالة على الحرية

الحق القائم على العدالة وحده يصبح ملزما للجميع

العدالة أساس الحق

كانت الفلسفات القديمة تجعل من مبدأ الفضيلة أساس السلوك العادل ،الذي يوافق القانون ، لأن غاية القانون كما تصور ذلك أرسطو حماية المصلحة العامة التي غايتها سعادة الجماعة ؛ وطبعا هذا لن يتحقق إلا بالفضيلة . لكن هل السلوك الفاضل كاف لقيام العدالة ؟ لقد ذهب فان هايك بعيدا في تحليله واعتبر العدالة تتقاطع مع الحق والحرية والقانون وكل هذا غير ممكن إلا داخل الشرعية .

1 - العدالة بين المساواة والإنصاف

جاء مفهوم الإنصاف ضمن التفكير الأرسطي في مسألة القانون وظروف تطبيقه ، وبين أرسطو محدودية القانون ، ولتجاوز هذه المحدودية اقترح إصلاح القوانين من خلال الإنصاف في انسجام مع الأساس الطبيعي للقانون الذي يميز فيه بين العام والخاص بين الثابت والمتغير. تبدو العدالة والإنصاف متطابقين ومختلفين في نفس الوقت ويبقى الإنصاف أهم بكثير لأنه يقوم بوظيفة تصحيح للعدالة ،و قد يتعارض أحيانا الإنصاف مع مبادئ العدالة ( العدالة التبادلية ، العدالة التوزيعية ، العدالة القمعية ، justice commutative , justice distributive , justice répressive ) يقول أرسطو " ليس هناك أشخاص عادلون غير أولئك الذين يستنيرون بفكرة العدالة كإنصاف ، أي أولئك الذين يمثلون روح القوانين"

واليوم أصبح هذا المفهوم أكثر استعمالا وله معنى آخر يتجاوز مبدأ الإصلاح في معناه الميتافيزيقي إلى نموذج تطبقي يرتبط بالواقع وهذا ما أكده راولز في تحليله لمفهوم العدالة الذي لخصه في إشكالية التعاون الاجتماعي وفق مبادئ تأخذ بعين الاعتبار الوضعية الداخلية للعدالة : فالعدالة تقوم على قاعدة الإنصاف وتقتضي أن يستفيد كل شخص من الحقوق الأساسية بالتساوي ، وتعتبر اللامساواة الاجتماعية مقبولة عقليا بحكم اختلاف مؤهلات وقدرات الأشخاص . يقول راولز " ينبغي أن يتم توزيع الامتيازات واقتسامها بطريقة تضمن التعاون الإرادي لكل أفراد المجتمع .."

تبدو العدالة مطلب ملح وضروري يتجدد بتجدد شروط الحياة ؛ ويبقى مطلب المساواة أمام القانون رهان صعب نظرا للأخطاء والإنزلاقات التي قد تقع فيها العدالة سواء بصورة إرادية أو غير إرادية ؛ مما يجعل مسألة الإنصاف ذات أهمية قصوى لأنها تقوم ما فسد وتصحح أخطاء العدالة وتعيد الثقة للأفراد والجماعات وتعطي للحرية معنى وللعدالة قيمة وبالتالي يصبح الحق ممكنا .

أفلاطون : العدالة فضيلة

شيلر : العدالة هي التي تأخذ بعين الإعتبار تفاوت القدرات

1 commentaire:

Anonyme a dit…

السلام عليكم
الملخصات جد مفيده لكن لديا تعقيب بسيط على ملاحظه بسيطه
خلال التلخيص لم تتناولو جميع الاطروحات التي توجد في الكات الخاصه بكل محور من محاور الدروس لو انكم تدرجون اطروحات الفلاسفه الرئيسين وبعدها تتطرقون للأراء فلاسفه اخرون سيكون ذالك مفيد لكل التلاميذ من مختلف الشعب نظرا لإختلاف المقررات
وشكرا